تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[طه عبد الرحمن والقراءة الجديدة للقرآن بـ"روح الحداثة"]

ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[01 Jun 2009, 07:12 م]ـ

"روح الحداثة" في قراءة القرآن ... الابداع والتقليد وتقليد الإبداع!

الحياة

2006 - 04 - 01

عبد الرحمن الحاج

تذكرنا فكرة «روح الحداثة» التي يتحدث عنها طه عبدالرحمن – في كتابه الاخير «روح الحداثة: المدخل الى تأسيس الحداثة الاسلامية» (المركز الثقافي العربي 2006) – بفكرة الفيلسوف الألماني يورغن هابرماز في كتابه الشهير «القول الفلسفي للحداثة»، فكلاهما يجرد الحداثة من «واقعها» وتجلياتها التاريخية، غير ان طه عبدالرحمن يسعى اكثر من ذلك الى ايجاد تجل تاريخي خاص بالنسق الثقافي والتاريخي الاسلامي، على أساس ان كل التطبيقات الحداثية التي جرت حتى اليوم على الاسلام هي تطبيقات حداثية منقولة مقلّدة، منسوجة على منوال التاريخ والثقافة الغربية، أي على «واقع الحداثة» لا روحها.

وبالطبع فإن أي تطبيق للقراءة الحداثية يتركز على «النصوص المؤسسة»، والقرآن الكريم بوجه خاص، وانطلاقاً من ذلك فإن القراءة الحداثية المقلدة للغرب هي قراءة مبدعة في كثير من الاحوال، لكن ما «أبدع» منها فإبداعه «مفصول»، اما «الابداع الموصول» – بحسب طه عبدالرحمن – فهو «التطبيق الاسلامي» لروح الحداثة، وعلى هذا الاساس فإن مساعي القراءات المقلدة تقوم على اصول وخطط واستراتيجيا تقود جميعها الى مآل واحد: أنسنة النص وأزخنته ورفع غيبيته.

يدخل المؤلف في تفاصيل «الخطط الحداثية المقلدة» الثلاث:

خطة التأنيس او الانسنة، التي تستهدف اساساً رفع عائق القدسية بنقل النظر الى الآيات القرآنية الكريمة من الوضع الالهي الى الوضع البشري، عبر ادوات لغوية واصطلاحية مفهومية، تعتمد حذف العبارات «التبجيلية» التقديسية (مثل: القرآن الكريم، الآية الكريمة، قال الله تعالى ... الخ)، واستبدال مصطلحات جديدة ذات أبعاد مادية بما كان يتداول من مصطلحات ذات ابعاد ايمانية (مثل: «الظاهرة القرآنية» بدل «نزول القرآن»، و «المدونة القرآنية» بدل «القرآن الكريم» أو «المصحف الشريف»)، والتسوية في رتبة الاستشهاد بين الكلام الالهي والكلام الانساني، ليؤدي ذلك كله الى التركيز على السياق الثقافي للنص القرآني، وإشكالية فهمه وتأويله، وعدم استقلالية النص القرآني عن مصدره (محمد – صلى الله عليه وسلم – وبيئته)، وعدم اكتمال النص القرآني.

في خطة العقلنة (في القراءة الحداثية المقلدة) التي تستهدف رفع الغيبية بوصفه عائقاً امام القراءة الحداثية التاريخانية يتم نقد علوم القرآن، واعادة تعريف النص القرآني ذاته من خلالها، والتوسل بالمناهج المقررة في علوم الاديان، والعلوم الاجتماعية، وخصوصاً «اللسانيات» و «السيميائيات» و «علم التاريخ» و «علم الاجتماع» و «علم النفس» و «التحليل النفسي»، ومآل ذلك كله: تغيير مفهوم «الوحي»، والتأكيد على ان «ما ثبت من الاوصاف والاحكام والحقائق بصدد «التوراة» و «الانجيل» يثبت ايضاً بصدد القرآن، لان ما ثبت للشيء ثبت لمثله»، وتقديم النص القرآني نصاً غير متماسك ولا متسق، وغلبة الاستعارة والرمزية والأسطرة ولاعقلانية الايمان الذي يريد القرآن تقديمه.

أما خطة الأرخنة التي تستهدف اطلاقية القرآن، وتحويلها الى نسبية ظرفية مرتبطة بمكانها وبيئتها وزمنها فهي تحاول ان تستند الى توظيف المسائل التاريخية العامة واسباب النزول، والتقسيمات الكلاسيكية في علوم القرآن: «المكي» و «المدني» في آيات القرآن الكريم، والتقليل من دور الآيات التي تقدم احكاماً الزامية، والتفريق بين القانوني والتشريعي الديني. ويستمر تعميم الأرخنة على هذا المنوال ليشمل العقائد ذاتها.

وتتوج هذه العملية الواسعة بالدعوة – عموماً – الى «تحديث الدين»، اذ تدعو هذه القراءات الى «ان نستخلص من النص القرآني تديناً ينسجم مع فلسفة الحداثة».

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير