وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بالله وَالْيَوْمِ الآخر وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
ولعل الجواب الأول أقوى الأجوبة، وكذا الجواب الرابع، والله تعالى أعلم
ومن عنده فائدة فليضفها هنا تكميلا للنفع.
ـ[محمد براء]ــــــــ[06 Jun 2009, 05:40 م]ـ
أحسن الله إليك.
هناك جواب ذكره الدكتور أحمد الزهراني في كتابه نقض مسالك السيوطي في والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم: " وقداستدلّ السّيوطي في مكان آخر وغيره على أنّ أهل الجاهليّة لم تبلغهم الدّعوة بنصوص من القرآن والسّنّة، كقوله تعالى: [القصص:46]، وقوله: [السجدة:3]، وقوله: [يس:6].
وهذه النّصوص لا حجّة فيها للسّيوطي، ولا من معه في عدّهم أهل الجاهليّة من أصحاب الفترة الّذين يُمتحنون يوم القيامة،وذلك لملحظ غفل عنه السيوطي ومن معه، ألا وهو: إنّ نفي الإنذار لا يلزم منه عدم قيام الحجّة، بل الحجّة تقوم بأدنى علم نبوي يصل للسامع، خصوصاً دعوة التّوحيد ونفي الشّرك الّتي نجا به بعض أهل الجاهليّة وينجو بها آخر الزّمان من لا يعلمون من الدّين إلاّ الكلمة كما في حديث حذيفة.
ونحن نعلم أنّ العرب وخصوصاً أهل الجاهليّة الّذين بُعث فيهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يأتهم نذير ولم يُرسل الله إليهم رسولاً، ولكن قيام الحجّة عليهم واقع.
ومما يؤكّد هذا أنّه من المعلوم أنّ فائدة المنذرين من الرّسل وغيرهم ليست البلاغ فقط، بل بنو إسرائيل كان يُرسل إليهم رسل وأنبياء لإنذارهم عذاب الله، مع أنّ الحجّة قائمة عليهم، ولهذا نجد أنّ التّعبير القرآني أحياناً يشير إلى هذا المعنى حين يعلل الرسالة بقوله: لعلّهم يتذكرون، أي لما نسوه ببعدهم عن دين الله، ولم يقل مثلاً: لعلهم بمعنى الغفلة عن حقيقة الشيء والجهل بعاقبة العمل، كما في قوله تعالى: [الأعراف:179] وقوله: يعلمون.
والتّعبير بالغفلة لا يلزم منه أنّهم غافلون عن الحق فيُعذرون بل وصف الله تعالى من أعرض عن الآيات بالغفلة: فالغفلة مثل الجهالة: قد تكون بمعنى عدم العلم والبلاغ، وقد تكون بمعنى الغفلة عن حقيقة الشيء والجهل بعاقبة العمل، كما في قوله تعالى: [الأعراف:179] وقوله: [النحل:108] ".
قلت: قوله: " بل الحجّة تقوم بأدنى علم نبوي يصل للسامع " لا شك أن هذا العلم النبوي نوع من الإنذار، فعاد الإشكال.
فتبين أن هذا جواب متناقض، إلا أن يكون مراده بالإنذار في قوله: " إنّ نفي الإنذار لا يلزم منه عدم قيام الحجّة "، الإنذار المباشر، فيكون جوابه هو الجواب الأول عينه من الأجوبة المذكورة.
أما المعنى المذكور في الجواب الرابع الذي ذكرته أخي الفاضل فهو مما يثبته الشيخ الشنقيطي، قال في دفع الإيهام: " قوله: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ} وقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ} لا إشكال فيه، لحصر الأمم في سبعين،كما بين في الحديث. فآباء القوم الذين لم ينذروا مثلاً، المذكورون في قوله: {لتنذر قوماً ما أنذر آباؤءهم} ليسوا أمة مستقلة، حتى يرد الإشكال في عدم إنذارهم، مع قوله: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} بل هم بعض أمة ".
وأن تترى أن هذا لا يدفع الإشكال.
أما الجواب الخامس فلا يصح إفراده، وقولك في تقريره: " أنه لم يأتهم نذير وهو زمان فترة من الرسل لكن قامت عليهم الحجة " أقول: هل المراد نذير مباشر أو مطلق النذير؟ إن قلت: الأول - ولا شك أنك تعني ذلك - فهو الجواب الأول عينه، وإن قلت: الثاني، ففي قول شيخ الإسلام الذي ذكرته وهو قوله: " وزمان الفَترةِ زمان دَرَسَتْ فيه شريعةُ الرسول وأكثرُ الدُّعاةِ إليها إلاّ القليل، ولم يَدْرُسْ فيها علمُ أصولِ دينِ المرسلين، بل يَبقَى في الفترةِ من الدُّعاةِ من تقومُ به الحجةُ " إثبات لوجود الدعوة والنذارة، وهذا يمنع من القول بأنهم لم يجئهم نذير مطلقاَ.
فالحاصل أن الجواب الصحيح هو الجواب الأول، والله أعلم.
ـ[جاسم آل إسحاق]ــــــــ[11 Jun 2009, 12:32 ص]ـ
أثابك الله أخي أبا الحسنات
وقد قلت أنا في ختام ما ذكرته أن الجواب الأول أقوى الأجوبة
وأحببت منكم ومن المشايخ تصويبي إن كان ثم خطأ.
وأما الجواب الخامس فلا أدري لماذا لا يصح إفراده، لأن كلام شيخ الاسلام فيه إثبات وجود دعاة إلى الحق وقائمين به، لكن لا يوجد رسل أو أنبياء،
فيصح النفي إذا قيل: لم يأتهم نذير (أي رسول أو نبي) على هذا، وتكون الحجة قامت عليهم بما عند أتباع الرسل من الحق.
والله تعالى أعلم
ـ[محمد براء]ــــــــ[11 Jun 2009, 11:51 ص]ـ
هؤلاء الدعاة لا بد أن يكونوا حاملين لدعوة نبي سبقهم، فيكون القوم الذين وجد فيهم هؤلاء الدعاة لم يأتهم نذير مباشر، فرجع هذا القول إلى الأول.