تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ينتقد طه عبدالرحمن هذه القراءات المقلدة بانها غير مبدعة في حقيقتها، فهي مستمدة من «واقع الصراع الذي خاضه «الأنواريون» في أوروبا مع رجال الكنيسة، والذي افضى بهم الى تقرير مبادئ ثلاثة أنزلت منزلة قوام الواقع الحداثي الغربي» وهي مركزة الانسان مكان الإله، والعقلانية، والدنيوة، وهذه العملية الاسقاطية للقراءات الحداثية على القرآن لا تتحقق من دون ايجاد مناسبة بين الوسيلة وموضوعها، ولا مناسبة، كما ان كثيراً من المنهجيات والنظريات التي نقلها هؤلاء لم يتمكنوا عموماً منها، ولا بأصولها الفلسفية والنظرية، اضافة الى ذلك فإن الآليات والادوات التي اعتمدت تجاوزها البحث العلمي، ووقعت في فخ التاريخانية ذاته!

هذا التقليد «الصريح» لما أنتجه واقع الحداثة الغربية كما يراه بالمؤلف، يدفعه الى البحث عن «قراءة حديثة مبدعة»، انطلاقاً من فكرته عن «روح الحداثة» التي توظف ضمن قناعة بأنه «بموجب الحقيقة التاريخية الاولى ان الفعل الحداثي الاسلامي لا يقوم الا على اصل التفاعل مع الدين» أي ما يسميه «الابداع الموصول» أي الذي يصل مع الدين ولا يقطع معه، وتأسيساً على ذلك فإن شرط الابداع في «القراءة الحداثية الموصولة» للقرآن تتوضع في ترشيد التفاعل الديني، وتجديد الفعل الحداثي لا نقله.

اما خطط هذه القراءة الثلاثية فهي تبدو نوعاً من المواجهة الايديولوجية لخطط «القراءات الحداثية المقطوعة» الثلاثية ايضاً، اكثر منها تأسيساً معرفياً للقراءة القرآنية، فالخطة تشمل ما سماه «التأنيس المبدع» الذي يعيد «مركزة الإله» في المشهد الكوني القرآني ولكنه يتقدم باتجاه «تكريم الانسان» كما لو ان غاية القرآن هي الانسان! وهذه الخطة (المواجهة) تحافظ على مكسبين الاول: لا تضعف التفاعل الديني، والثاني انها لا تحدث «أي اخلال بالفعل الحداثي»! وتؤدي غايتها في «تحقيق الابداع الموصول»، العنصر الثاني في الخطة «التعقيل المبدع». والتعقيل المبدع هذا ليس الا توسع العقل عبر استثمار كل الوسائل والمنهجيات الحديثة، وبه يتحقق – بحسب فيلسوفنا – ان لا يكون التعامل العلمي مع القرآن الكريم مؤدياً الى ضعف التفاعل الديني معه.

العنصر الثالث في خطته فهو «التأريخ المبدع»، فهو بدل محو الاطلاقية يستند الى السياقات التاريخية باعتبارها دلالة زائدة على النص ومفيدة في ترسيخ قيمه، وذلك استناداً الى مبدأي «التدبر» و «الاعتبار» القرآنيين، وبذلك فإن التاريخانية لن تضر بالفعل الحداثي بقدر ما ستكون مفيدة له، وهي «أكثر تغلغلاً في الحداثة» القراءات المقلدة.

وبهذه العناصر الثلاث «تتقوض» القراءة الحداثية المقلدة.

«لا دخول للمسلمين الى الحداثة الا بحصول قراءة جديدة للقرآن الكريم» كما يقول المؤلف، هذا صحيح الى حد كبير، ولكن ما قدمه في خطته «للقراءة المبدعة» – فضلاً عن انه مسكون في مواجهة ايديولوجية مع الآخر – يعتمد على بلاغة لفظة «الابداع» كما لو ان سحر اللفظ يفي بالغرض، ويفتقر الى جانب عملي على الاقل في موازاة ما شرحه من آليات وأدوات ووسائل للقراءات الحداثية المقلدة.

ثم ان ما يشرحه عبدالرحمن حول ما سماه «القراءات الحداثية المقلدة» مفهوم واضح، لكنه عندما يستند الى مفهوم الحداثة ذاته فإنه يقوم بالنقل والتقليد، ومبرراته في مطلع الكتاب لا تقنع، اذ يبقى المصطلح مأخوذاً من مجال تداولي أفرزه «واقع الحداثة» الغربي (على حد اصطلاحه)، ولا ينفك عنه، ألن يكون أكثر اتساقاً مع نفسه لو أنه لجأ مثلاً الى مفهوم «روح الحضارة الاسلامية» الذي سكه محمد الفاضل بن عاشور بدلاً عن «روح الحداثة»؟


انظر المقال في صحيفة الحياة (الطبعة الدولية) على الوصلة:
http://www.daralhayat.com/archivearticle/101933

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jun 2009, 08:35 م]ـ
"روح الحداثة" في قراءة القرآن ... الابداع والتقليد وتقليد الإبداع!

«لا دخول للمسلمين الى الحداثة الا بحصول قراءة جديدة للقرآن الكريم» كما يقول المؤلف، هذا صحيح الى حد كبير، ولكن ما قدمه في خطته «للقراءة المبدعة» – فضلاً عن انه مسكون في مواجهة ايديولوجية مع الآخر – يعتمد على بلاغة لفظة «الابداع» كما لو ان سحر اللفظ يفي بالغرض، ويفتقر الى جانب عملي على الاقل في موازاة ما شرحه من آليات وأدوات ووسائل للقراءات الحداثية المقلدة.
[/ url]/color]33

سؤال أرجو أن يجيب عليه الأستاذ عبد الرحمن:

حين وافقت المؤلف على عبارته: «لا دخول للمسلمين الى الحداثة الا بحصول قراءة جديدة للقرآن الكريم» وقلت هذا صحيح إلى حد كبير، هل هذه موافقة على الوسيلة والغاية؟

بمعنى آخر هل أنت مع المؤلف بأن المسلمين بحاجة إلى الدخول إلى الحداثة؟
إذا كان الجواب بنعم، فهل ممكن أن تذكر لنا لماذا؟
ومهي الأسس التي تقوم عليها القراءة الجديدة للقرآن؟

وأرجو أن يتفاعل الأستاذ عبد الرحمن مع ما يطرحه الأعضاء من استفسارات، حتى يكون للمواضيع التي يطرحها ثمره.
مع تقديري للجميع

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير