تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا الجانب الحديث في علم الدلالة هو ما حاول الباحث الياباني ايزوتسو ( Toshihiko Izutsu) تطويره وتوظيفه في فهم القرآن، الذي افتتح كتابه «الله والإنسان في القرآن» بفصل خاص بعنوان (الدرس الدلالي والقرآن) يحدد من خلاله معالم دراسته فيذكر أن دلالات الألفاظ وتطوّرها، أو ما يسمّى عِلْم الدّلالة Semantics تمثِّل الجانبَ المنهجيّ لعمله، بينما يمثِّلُ القرآنُ جانبَه المادّي، ولا يتغاضى إيزوتسو عن حقيقة أنّ ما يسمّى عِلْم الدّلالة Semantics معقَّدٌ على نحو مُذْهِل للغاية. ومن الصّعب جدّاً، هذا إن لم يكن مستحيلاً - كما يرى - على شخصٍ غير متخصّص أن يظفر حتّى بفكرةٍ عامّةٍ عن ماهيّة هذا العِلّم، فـ «عِلْم الدّلالة»، كما يرى إيزوتسو، من حيث هو دراسةٌ للمعنى، لا يمكن أن يكون إلاّ نمطاً جديداً من الفلسفة مبنيّاً على تصوّر جديد تماماً للكون والوجود وشاملاً لأفرع كثيرة مختلفة ومتنوّعة جدّاً من أفرع العِلْم التقليديّ، التي لا تزال حتّى الآن في أيّة حال بعيدةً عن أن تكون قد أنجزت المثَلَ الأعلى لتكاملٍ تامّ. كما يلحظ أنه علم يفتقر إلى التناغم والانسجام، وأن ما نمتلكه في أيدينا عددٌ من النظريات المختلفة للمعنى.

وتأسيساً على هذه الملاحظات يسجل إيزوتسو تصوره الخاص لعلم الدلالة الذي سيعتمده في دراسته فيقول: «عِلْم الدّلالة كما فهمتهُ هو دراسةٌ تحليلية للتعابير المفتاحية Key- terms في لغةٍ من اللغات ابتغاءَ الوصولِ أخيراً إلى إدراكٍ مفهوميٍّ للنّظرة إلى العالم Weltanschauung لدى النّاس الذين يستخدمون تلك اللّغة أداةً ليس فقط للتحدّث والتفكُّر، بل أيضاً، وهذا أكثرُ أهمّيةً، لتقديم مفهوماتٍ وتفاسير للعالَم الذي يحيط بهم».

فهدف الدراسة الدلالية للقرآن عند إيزوتسو هو البحث عن رؤية القرآن لكيفية بناء عالَم الوجود، وما المكوِّناتُ الرّئيسةُ للعالم، وكيف يُرْبَط بعضُها ببعض، فيكون عِلْمُ دلالات الألفاظ وتطوّرها، في هذا المعنى، نوعاً من عِلْم الوجود ontology - علم وجود محّدد وحيّ ومتحرّك. ولإنجاز عمله وضح المرتكزات الأساسية التي تضبط تحليله الدلالي، وذلك من خلال مداخل أساسية، أو مصطلحات اعتمدها أو ابتكرها ليوضح فكرته، فيعتني بالخصوص بالتحول الدلالي من خلال السياق القرآني، ويتعمق في دراسة المعنى الوضعي والمعنى السياقي، ويبحث عن شبكة المفهومات في القرآن، والحقول الدلالية التي تقود إليها، ويمثل عمله إضافة نوعية في تطبيق الدرس الدلالي في فهم بنية القرآن الكريم، وكما لم يتطور علم الدلالة الحديث عربياً على رغم سعة آفاقه في اللغة العربية، فإنه في الدراسات القرآنية لا يزال بكراً على رغم وجود نظريات دلالية متقدمة لدى دارسي لغة القرآن جديرة بالتطوير والعناية.

* كاتب سوري.

أستاذ في كلية الشريعة بجامعة حلب

مدير تحرير الملتقى الفكري للإبداع


يمكن مشاهدة المقال على الوصلة:
http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/24349

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Nov 2010, 10:39 ص]ـ
بارك الله فيكم على هذا المقال القيم.
ومن الكتب الجيدة التي أشارت إلى جهود علماء التفسير المسلمين المتقدمين في دراسة المعنى كتاب الدكتور محمد المالكي (دراسة الطبري للمعنى من خلال تفسيره جامع البيان) ويُمكنُ الاطلاع عليه من هنا ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=20718).

ـ[بدر عرابي]ــــــــ[21 Nov 2010, 11:56 ص]ـ
من أهم الأمور التي تدخل في مجال دراسة علم الدلالة، هي المؤثرات على المعنى الأصلي، فالكلمة عادة لها معنيان:
الأول: هو المعنى المعجمي، وهو ما نجده في المعاجم اللغوية والذي ينسب غالبا إلى مادة الكلمة وجذرها.
الثاني: هو المعنى المستعمل، وهو موضوع علم الدلالة على الحقيقة.
والاستعمال هنا غالبا ما يضفي على الكلمة معانٍ جديدة لم تكن موجودة في معناها المعجمي، وتشكل دوائر حول ذلك المعنى - المعجمي - تتسع شيئا فشيئا حتى تبتعد كثيرا، وكل هذا من واقع الاستعمال.
أما أهم المؤثرات على هذا المعنى فهي:
= المجاز: أي الاستعمال المجازي للكلمة، مثال ذلك: قوله تعالى: " ذق إنك أنت العزيز الكريم "، فكلمتا العزيز الكريم استعملتا على سبيل السخرية، لتحملان معانٍ جديدة منها الذلة والمهانة.
= السياق: فكلمة عين - وهو مثال مشهور - تعني معان متعددة بحسب السياق الذي جاءت فيه، مثال ذلك: إذا قال كل من الطبيب والبدوي: العين بها ماء، سيختلف طبعا معنى الكلمة، فهي عند الطبيب الجارحة، وعند البدوي البئر.
ومن ذلك بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعنى كلمة الظلم في قوله تعالي: " الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "، أنه الشرك، واستدل لذلك بقوله تعالى: " إن الشرك لظلم عظيم ".
= الاصطلاح: وهو نوع من الاستعمال المتخصص المرتب بمجال علمي معين، مثال ذلك كلمة: الخط، فلها معنى اصطلاحي عند الخطاط يختلف عنه عند المهندس، وهكذا.

من الكتب المفيدة في الأمر:
= كتاب التعريفات: للعالم الجليل عبد القاهر الجرجاني - رحمه الله -
= علم الدلالة: للدكتور أحمد مختار عمر - رحمه الله -
= في الدلالة والمعجم: للدكتور أحمد مختار عمر
= في التطور اللغوي: للدكتور عبد الصبور شاهين - رحمه الله -
= دلالة الألفاظ: للدكتور إبراهيم أنيس - رحمه الله -
= دور الكلمة في اللغة: تأليف ستيف أولمان، ترجمة الدكتور كمال بشر - متعه الله بالصحة والعافية -

بالتوفيق
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير