والدكتور خالد ذكر شيئاً من قواعد الترجيح، ولكن أغلب الكتاب في القواعد التي يمكن أن يستخدمها المفسر حال تفسيره ابتداءً لكلام الله -سبحانه وتعالى-، فالكتابين لا يغني أحدهما عن الآخر.
الموضوع الثاني: نظرة عامة في مقدمة شيخ الإسلام.
1 - أهم طبعات المقدمة:
في نظري أن أفضل طبعة هي طبعة الدكتور عدنان زرزور، وطبعت طبعات لنفس التحقيق الذي هو تحقيق الدكتور عدنان زرزور، وقد اعتنى د. عدنان بهذه المقدمة وبسط الحديث عنها وبين ما فيها من الموضوعات، وإخراجها أيضاً من جهة الإخراج الفني من أحسن الإخراج.
2 - الذي سمى هذه المقدمة بأصول التفسير:
قاضي الحنابلة بدمشق الذي وهو محمد جميل الشطي نشر رسالة عام 1355هـ وكانت قد نشرت قبله، ثم نشرها هو، وسماها "مقدمة في أصول التفسير" واستمر هذا الاسم إلى وقتنا هذا باسم "مقدمة في أصول التفسير"، وإلا فالشيخ - رحمه الله تعالى- لم يسم هذه الرسالة، ولم يعنون لها، كعادته في كثير من كتبه تأتيه رسائل ويرد عليها ثم تسمى بعده.
و نلاحظ أن الشطي -رحمه الله تعالى- أخذ العنوان من عبارة شيخ الإسلام لما قال: إن السائل سأل أن أكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعينه على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه.
3 - الوقت الذي كتب فيه شيخ الإسلام هذه المقدمة:
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى- وهو من كبار تلاميذ الشيخ:
" وبعث إلي في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه " الموجود عندنا الآن من تراث شيخ الإسلام المتعلق بقواعد التفسير لا يوجد إلا هذه المقدمة، فنحن نقول الآن: إن القاعدة التي ذكرها ابن القيم يحتمل أن تكون المقدمة نفسها التي نعرفها.
ويظهر أن شيخ الإسلام كتب هذه المقدمة متأخراً؛ لأن فيها اطلاعاً على كثير من كتب التفسير سواءً كتب التفسير التي اعتنت بالمأثور عن السلف، أو كتب التفسير التي اعتنت بنقل كلام أهل البدع، أو حتى بكتب أهل البدع أنفسها في التفسير؛ فمعنى ذلك أن هذه المقدمة كتبها، وهي محررة من جهة القضايا العلمية بعد فترة كبيرة جداً من القراءة في كتب التفسير وليست من الكتب المتقدمة له - رحمه الله تعالى-.
4 - وممن استفاد من هذه المقدمة من العلماء:
1 - تلميذ الشيخ ابن كثير الدمشقي في مقدمة تفسيره.
2 - والزركشي في كتابه البرهان.
3 - والسيوطي في كتابه الإتقان.
4 - والقاسمي في مقدمة تفسيره محاسن التأويل.
أما العلماء المعاصرون فكثير جدا.
وهذه المقدمة يمكن أن نقسمها إلى خمسة موضوعات:
الأول: مقدمة الكتاب التي بدأ بها المؤلف، وهذه المقدمة، ذكر فيها:
1 - سبب التأليف.
2 - وذكر فيها الطرق الموصلة إلى العلم وطريق العلم.
3 - وذكر فيها حاجة الأمة إلى فهم القرآن.
4 - وذكر فيها أن هذه المقدمة ألفها اختصاراً وإملاءً.
الثاني: بيان النبي - صلى الله عليه وسلم- للقرآن، فقال: فصل في البيان النبوي للقرآن.
1 - ذكر دلائل البيان النبوي. يعني الأدلة الدالة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بين معاني القرآن للصحابة.
2 - ذكر اعتناء الصحابة بتعلم معاني القرآن.
3 - ذكر قلة نزاع الصحابة في التفسير.
4 - ذكر أن التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة.
5 - ذكر أن بعض التابعين قد يتكلم أيضاً بالاجتهاد في التفسير، يعني يجتهد في التفسير.
الثالث: ثم بعد ذكر اختلاف السلف في التفسير، وقد أطال فيما يتعلق باختلاف السلف في التفسير، وذكر له أمثلة.
وذكر الاختلاف على النوعين: اختلاف تضاد، واختلاف تنوع، لكنه لم يعتني -رحمه الله تعالى- بتعريف اختلاف التضاد.
الرابع: بعد ذلك انتقل إلى سبب الاختلاف الواقع في كتب التفسير، وقسم كتب التفسير إلى قسمين:
القسم الأول: الكتب التي تعتمد النقل:
سواءً كان لأصحابها آراء مثل ابن جرير الطبري، أو لم يكن لأصحابها آراء مثل تفسير ابن أبي حاتم أو تفسير عبد الرزاق الصنعاني أو تفسير الإمام أحمد، أو تفسير دحيم، وهذه التفاسير إن وقع فيها خلل فإنه يقع في المنقول، وليس في الرأي، والذي يقع فيه خلل في المنقول ثلاث قضايا عندهم:
القضية الأولى: الإسرائيليات.
القضية الثانية: المراسيل.
القضية الثالثة: الموضوعات.
والموضوعات قليلة جدا في هذه الكتب لكنها قد تقع.
القسم الثاني: الكتب التي تعتمد الاستدلال.
كتب الاستدلال؛ لأن أصحابها ليسوا من أهل الحديث يقع فيها من الموضوعات شيء كثير.
وقسم شيخ الإسلام أصحاب الاستدلال إلى قسمين:
الأول: من اعتقدوا معاني ثم حملوا ألفاظ القرآن عليها، وهؤلاء أيضاً جعلهم إلى قسمين:
1 - من يستدل بلفظ القرآن وما دل عليه وأريد به.
2 - من يحملون لفظ القرآن على ما لم يدل عليه ولم يراد به.
القسم الثاني: من فسر القرآن بمجرد اللغة دون النظر إلى الملابسات المرتبطة بالآية.
الخامس: أحسن طرق التفسير.
وذكر الطرق الأربعة المشهورة:
1 - القرآن بالقرآن.
2 - القرآن بالسنة.
3 - القرآن بأقوال الصحابة.
4 - القرآن بأقوال التابعين.
وقد ختم شيخ الإسلام الرسالة بأثر ابن عباس في تقسيم التفسير. أهـ/د/3
¥