الشاهدين). فليحرص كل مؤمن على أن يضمخ قلبه بخشية الله, هذه خشية تلين القلب , وتجعله حسن الاستقبال للمواعظ والعبر, والآيات الكونية والشرعية. نسال الله أن يرزقنا خشيته في السر والعلن.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[27 Jul 2009, 02:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة النازعات
(المقطع الرابع)
قال الله تعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا
(27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
(30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33) فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا): هذا استفهام تقريري، بغرض تنويع الخطاب لهؤلاء المنكرين للبعث. (أأنتم) الهمزة الأولى همزة الاستفهام , والثانية في أصل الضمير, والجواب معروفٌ سلفاً، فقد قال الله عز وجل: (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس) , فالله تعالى ينعى على هؤلاء المنكرين للبعث، والمستبعدين له بقولهم (من يحيي العظام وهي رميم) بأن الذي خلق السموات السبع الشداد قادر على أن يعيد خلقهم، كما قال في الآية الأخرى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم/27] , ففي هذا إقامة لحجة عقلية، حسية، على هؤلاء المنكرين للبعث, ويقول في الآية الأخرى: (أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم). ثم إنه سبحانه وتعالى بين كيفية خلق السماء فقال: (بناها) , على الصفة التي جاءت الآيات بعدها مفسرة لها, ومعنى بناها: أي شيدها وأقامها.
(رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا): ومرجع الضمير إلى السماء , والمراد بالسمك: الارتفاع. وقيل إن السمك المقصود به السقف, فما بين السماء والأرض مسافة هائلة طويلة. ومعنى سواها: أي جعلها معتدلة الأرجاء، واسعة الفناء، لا فطور فيها، ولا تفاوت. والناظر في هذه السماء يسرح طرفه في أرجائها، ويعجب من دقة خلقها، ومتانته, لا يجد فيها الإنسان أدنى ثقب , كما قال تعالى: (فارجع البصر هل ترى من فطور) يعني من شقوق وصدوع , (ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير) , فيكِلُّ الطرف عن العثور على مقدار ثقب إبرة في هذه السماء المحكمة. فيا لها من آية عظيمة! ولهذا ندب الله المؤمنين إلى التفكر فيها، فقال تعالى: (أفلا ينظرون إلى السماء كيف رفعت) , وهذا يدلنا على طريقة القرآن في بناء العقيدة , وهو أنه يوجه العقول والأنظار إلى مظاهر الربوبية؛ ليحصل بذلك توحيد الإلوهية.
(وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا): مرجع الضمير إلى أقرب مذكور وهو السماء. ومعنى (أغطش ليلها) أي جعل ليل السماء مظلماً. فمعنى أغطش أي أظلم. ومعنى (وأخرج ضحاها): أي أظهر ضحاها بنور الشمس , فالشمس إذا بدت في السماء بان الضحى, وأسفر المكان, وإذا احتجبت الشمس عن هذه السماء عادت الظلماء. وهى دورة متكررة في اليوم والليلة. كما قال تعالى: (يكور الليل على النهار , ويكور النهار على الليل) , وفي تعاقب الليل والنهار حكم بالغة في, يطول المقام بذكرها، لكن لا تقوم حياة الآدميين إلا بها, فلو اختل ذلك النظام لحصل اضطراب في الحياة البشرية؛ ولهذا قال الله عز وجل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ
¥