تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الخبر، أو الأثر، يقابله العقل، أو الرأي، أو النظر، أو الاجتهاد، أو الاستنباط. وقد امتاز هذا الأصل العظيم – أعني الكتاب والسنة – بخصائص، وتفرد بفضائل، واقترنت به آداب، أظهرها أئمة أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى. إنها قواعد مهمة للتعامل مع النصوص الشرعية، ومقدمات ضرورية للنظر في الكتاب والسنة، وهي أصول للاستنباط وضوابط للتفكير.

خصائص أصل الأدلة "الكتاب والسنة": 1 - أن هذا الأصل وحي من الله، فالقرآن الكريم كلامه سبحانه، والسنة النبوية بيانه ووحيه إلى رسوله –صلى الله عليه وسلم- (10)؛ قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" [النجم: 3، 4]. 2 - أن هذا الأصل إنما بلغنا عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لا سماع لنا من الله تعالى، ولا من جبريل عليه السلام، فالكتاب سُمع منه تبليغً، والسنة تصدر عنه تبيينًا (11)، وقد قال تعالى آمرًا نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يقول: "وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19]. 3 - أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الأصل، كما قال سبحانه: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: 9] (12)، قال ابن القيم: "والله تعالى قد ضمن حفظ ما أوحاه إليه –صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليه؛ ليقيم به حجته على العباد إلى آخر الدهر" (13). 4 - أن هذا الأصل هو حجة الله التي أنزلها على خلقه. قال الشافعي: " ......... لأن الله جل ثناؤه أقام على خلقه الحجة من وجهين، أصلهما في الكتاب: كتابه ثم سنة نبيه" (14). وقال ابن القيم: "إن الله سبحانه قد أقام الحجة على خلقه بكتابه ورسله، فقال: "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا" [الفرقان: 1]. وقال: "وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19]. فكل من بلغه هذا القرآن فقد أنذر به وقامت عليه حجة الله به" (15). 5 - أن هذا الأصل هو جهة العلم عن الله وطريق الإخبار عنه سبحانه. قال ابن عبد البر: "وأما أصول العلم فالكتاب والسنة (16) يوضحه". 6 - أن هذا الأصل هو طريق التحليل، والتحريم، ومعرفة أحكام الله، وشرعه. قال ابن تيمية: "وأوجب عليهم الإيمان به، وبما جاء به، وطاعته، وأن يحللوا ما حلل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله .... " (17). 7 - وجوب الاتباع لهذا الأصل، ولزوم التمسك بما فيه. قال الشافعي: " ....... وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسول –صلى الله عليه وسلم-" (18). 8 - أن وجوب اتباع هذا الأصل عام، فلا يجوز ترك شيء مما دل عليه هذا الأصل، أبدًا، وتحرم مخالفته على كل حال. قال ابن عبد البر: " ..... وقد أمر الله عز وجل بطاعته –صلى الله عليه وسلم- واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيد بشيء – كما أمرنا باتباع كتاب الله – ولم يقل وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ" (19). وقال ابن تيمية: " ...... فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع: الكتاب والسنة والإجماع، فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع، لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب لا يجوز ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحدً الخروج عن شيء مما دلت عليه، وهي مبنية على أصلين:

أحدهما: أن هذا جاء به الرسول. والثاني: أن ما جاء به الرسول وجب اتباعه.

وهذه الثانية إيمانية ضدها الكفر أو النفاق" (20). 9 - وجوب التسليم التام لهذا الأصل وعدم الاعتراض عليه. خصص الخطيب البغدادي لذلك بابًا في كتاب "الفقيه والمتفقه"، فقال: "باب تعظيم السنن، والحث على التمسك بها، والتسليم لها، والانقياد إليها، وترك الاعتراض عليها" (21). 10 - أن معارضة هذا الأصل قادح في الإيمان. قال ابن القيم: "إن المعارضة بين العقل ونصوص الوحي لا تتأتى على قواعد المسلمين المؤمنين بالنبوة حقًا، ولا على أصول أحد من أهل الملل المصدقين بحقيقة النبوة، وليست هذه المعارضة من الإيمان بالنبوة في شيء، وإنما تتأتى هذه المعارضة ممن يقر بالنبوة على قواعد الفلسفة" (22).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير