تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد الأمين بن محمد المختار]ــــــــ[12 Sep 2009, 04:36 م]ـ

إذا كان مطلق الشبه مدركاً، فلم تزد الآية على هذا ...

سلَّمتَ معنا أخي العزيز بأن هذا وجهُ الشبه، مع أن المفسرين القدماء لم يذكروه، وإنما جعلوا وجه الشبه هو "امتناع الحصول"، فيمتنع حصول الهداية كما يمتنع على الإنسان الصعود إلى السماء.

ومع ذلك فما قاله القدماء لا يخالف ما قاله أهل الإعجاز العلمي، وكلاهما تتحمله اللغة، وتقبله العادة، وما كان كذلك فلا وجه لإنكاره.

ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 05:03 م]ـ

الأخ الفاضل أبا عمرو:

الأخ الكريم بكر،

1. واضح في الآية الكريمة أن التشبيه يقصد به بيان ضيق الصدر. وواضح أن الآية تُصرّح بأن من يصعد في السماء يضيق صدره.

هذا من حيث المعنى المفرد لكل كلمة، وحمل الكلام على هذا الوجه من التفسير بعيد عن التحقيق، على سبيل المثال: هناك مثال في عاميتنا المحكية في الأردن وفلسطين تقوله لمن يتهددك "روح بلط البحر"، ومعناها الإفرادي أن تجمع من البلاط ما يكفي لتبليط البحار، فهل هذا هو المقصود من المثل؟ بالطبع لا ...

وكذلك الأمر هنا، المعنى الإفرادي هو الصعود في السماء على الحقيقة، ولكننا نعلم أن العرب كانت تضربه مثالاً لك ما يشق على النفس ويصعب عليها، فجرى التمثيل به.

2. إذا صح أن يشبه الناس على ضوء صورة وهمية قد لا تطابق الواقع فإن ذلك لا يصح في حق العليم الخبير. ومن هنا ننتقل من الوهم إلى الحقيقة.

والله سبحانه وتعالى أنزل كتابه على معهود العرب الأولين في الكلام وتصرفهم فيه، فلا يجوز في حقه سبحانه أن يخاطبهم بما لا يعهدون في الوقت الذي قال فيه (ولقد يسرنا القرآن للذكر).

3. الصعود في الجبل شيء والتصعّد في السماء شيء آخر، وكان الأولى عندها أن يقال كأنما يصعد في جبل.

إنما قلتُ هذا من باب التسليم الجدلي، أي لو سلمنا أن العرب كانت تعرف أن الصاعد في السماء يضيق صدره، من حيث طبيعة مكة الجبلية، وأن الصاعد من مكة إلى الطائف مثلاً يجد حرج الصدر، لو أنا سلمنا أن هذا هو المقصود في الآية، فليس هناك أي إعجاز علمي، لأن القرآن يكون بهذا قد أشار إلى ظاهرة معروفة للعرب، معهودة لهم، وجرى في التشبيه على وفقها. أما أن السبب في هذا هو نقصان الأكسجين فليس في الآية أي دلالة عليه، وهذا هو محل النزاع.

4. لم يسبق للبشر أن صعدوا في السماء في حدود علمنا، ومن هنا لا مجال لمعرفة ذلك إلا عن طريق علوم كونية لم تكن متيسرة للبشر إلا حديثاً.

محل النزاع ليس في ثبوت هذه الحقيقة، بل هو في دلالة الآية عليها، وعليه فكون البشر صعدوا أم لم يصعدوا ليس مما يعنينا في شيء، ما يعنينا هو هل دلت الآية على شيء لم يكن معروفاً للعرب الأولين؟

لا أظن ذلك، وسأوافيك إن شاء الله بأقوال المفسرين فيها.

5. ليس كل تشبيه يفهمه كل واحد، ولو كان ذلك شرطاً لما صح أن نشبّه إلا بما كان متصوراً ومعلوماً لكل البشر دون استثناء. ومن هنا لا يصح أن تنقضي الدنيا قبل أن يفهم البشر حقيقة هذا التشبيه. فوجود من يفهم التشبيه ويتصوره يكفي للإجابة على اعتراضك. وإلا قل لي: هل كل البشر قديماً يعرفون الأسد وشجاعته أو الجمل وصبره.

ليس شرطاً أن يكون التشبيه مفهوماً لكل عربي في ذلك الوقت، بل يكفي أن يفهمه الأكثرون، أو الثلة المتذوقة.

إذا لم يكن التشبيه مفهوماً للعرب الأولين، فمعنى ذلك أن الله خاطب العرب بغير ما يفهمون، وهذا أمر ننزه عنه منصب الشارع سبحانه وتعالى.

ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 05:11 م]ـ

سلَّمتَ معنا أخي العزيز بأن هذا وجهُ الشبه، مع أن المفسرين القدماء لم يذكروه، وإنما جعلوا وجه الشبه هو "امتناع الحصول"، فيمتنع حصول الهداية كما يمتنع على الإنسان الصعود إلى السماء.

ومع ذلك فما قاله القدماء لا يخالف ما قاله أهل الإعجاز العلمي، وكلاهما تتحمله اللغة، وتقبله العادة، وما كان كذلك فلا وجه لإنكاره.

إنما سلمت بهذا جدلاً، في حوار الأخ حجازي الهوى، وإلا فأنا أقول بما قال به المفسرون القدامى.

ومع هذا فإن ما كشف عنه العلم الحديث لا ينبغي أن يكون وجهاً في تفسير الآية لا راجحاً ولا مرجوحاً، وسأوافيك بتفصيل هذا في الجزء الثاني من المبحث فقد كنت عرضت لها.

وبارك الله فيك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير