ـ[بكر الجازي]ــــــــ[13 Sep 2009, 05:10 م]ـ
الأخ الكريم أبا عمرو:
الأخ الكريم بكر،
1. العرب فهموا أن الله يخبرهم أن الذي يصعد في السماء يضيق صدره. وعليه لا نقول إن العرب لم تفهم النص.
2. عندما يمثل الله تعالى لا بد أن يكون المثال مطابقاً للواقع. فعندما وجدنا أن من يصعد في السماء يضيق صدره تنبهنا إلى صدقية المثال، وبعد أن كان إيماناً وتسليما أصبح معلومة محسوسة. ولا يهمني هنا السبب في ضيق الصدر. وبالمناسبة فإن سبب ضيق الصدر ليس فقط لقلة الأوكسجين بل أيضاً لقلة الضغط المسبب لارتفاع الحجاب الحاجز وضغطه على الأحشاء في الصدر.
العرب لم يفهموا هذا، بل فهموا أن المراد هو تشبيه الكافر في نبو قلبه عن الإسلام وضيقه بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم كمن يحاول الصعود في السماء، أو كمن يتكلف الصعود في السماء، دليل هذا:
1. أداة التشبيه "كأنما" وفيها تشبيه صدر الكافر في ضيقه بالإسلام، بضيق الصدر والحرج الذي يجده من يتكلف الصعود إلى السماء.
2. وهذا الفهم مطابق للواقع، وعليه شواهد من أمهات كتب التفسير، بل إننا أخذنا هذا المعنى من أمهات كتب التفسير، والذي هو فهم العرب الأولين لهذه الآية،
3. ولما علمنا أن "الصعود إلى السماء" مثل يضرب للتكليف بما لا يطاق، فلا يهمنا أن يكون العلم الحديث أثبت أن الصعود "الحقيقي" في السماء يسبب ضيق الصدر أم لا، ذلك أن المقصود ضرب المثل، بغض النظر عن الحقيقة التجريبية التي كشف العلم عنها.
4. نحن هنا لا ننكر الحقيقة التجريبية التي كشف عنها العلم الحديث، فليس لنا أن ننكرها إذا ما ثبتت، وإنما ننكر أن يكون هذا هو معنى الآية، وفرق ما بين الأمرين بيِّن.
5. ولذلك فإن الاعتراض لا يزال قائماً على أرباب الإعجاز العلمي، وخلاصته:
من المعروف أن الغرض البلاغي من التشبيه إنما هو تقريب المعنى إلى السامع، وتثبيته في نفسه، وتمكينه فيها، وهذا يقتضي أن يكون وجه الشبه معروفاً ومعهوداً، كقولك: زيد كالإسد، فوجه الشبه الذي هو الشجاعة معهود معروف في الإسد، فهل كان وجه الشبه معروفاً في "التصعد في السماء"؟
إذا قلنا: نعم، فقد أبطلنا الإعجاز العلمي المدعى.
وإن قلنا: لا، بطل التشبيه، ولم تحصل فائدته، وأخرجنا القرآن من حيز الإفهام إلى حيز الإبهام، ومن الإعجاز إلى الإلغاز، ومن تقريب المعنى إلى السامع إلى تعمية المعنى عليه، وهذا مما لا قائل به.
وأحبذ أن نبقي البحث في هذه النقطة ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 Sep 2009, 05:56 م]ـ
أما أنها لا تشفي الغليل، فذلك لأن بدعة الإعجاز العلمي قد انتشرت، وكثر المروجون لها، بحيث صرنا نستبعد أقوال العلماء المحققين في أمهات كتب التفسير، ونتعاهد كل جديد عند أرباب الإعجاز العلمي. المسألة بحاجة إلى شيء من تعاهد أمهات الكتب، والإقبال عليها بالدراسة، حتى نرتوي منها ونشفي الغليل ....
يا رجل القرآن عربي وأقوال المفسرين بلغة العرب وهم عرضة للخطاء والصواب والحجة ليست أقوالهم وإنما الحجة الدليل على صحة أقوالهم.
وعجيب أمرك أخي الكريم حين تخاطب أعضاء ملتقى أهل التفسير وكأن لا علاقة لهم بأمهات كتب التفسير.
أخي الكريم لو كان في أقوال أهل التفسير ما يشفي الغليل في تفسير هذا التشبيه لما وقع النزاع.
ثم اعلم أن كثيرا من أصحاب الإعجاز العلمي أصحاب عقول تحليلية لها القدرة على تحليل الألفاظ ومعرفة مدلولتها أكثر من أولئك الذين يظنون أنهم مرجعية في اللغة والشريعة، فعلينا أن نحترم عقول الآخرين.
الأمر ليس حسياً، بل هو معنوي، وهو بمعنى التكليف بما لا يطاق، كما أننا في عاميتنا المحكية في بلاد الشام نقول مثلا للرجل "روح بلط البحر"، أو "أعلى ما في خيلك اركبه" في الدلالة على عدم الاكتراث به، وليس معنى هذا أن تذهب لجمع البلاط من أجل تبليط البحر، ولا معنى هذا أن تنظر أي خيولك أعلى فتركبه. ...
أما كلامك لا يصلح للنقاش العلمي إطلاقاً ‘ فالله سبحانه وتعالى شبه ضيق صدر الكافر وحرجه بضيق صدر المصعد في السماء وحرجه، فالقرآن الكريم يتكلم عن حقائق ولا يتكلم عن خيالات وأوهام فتنبه لذلك.
¥