ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[18 Oct 2009, 11:52 م]ـ
أخي أبو فهر سبب نزول الآية الكريمة معلوم؛ حيث كان الناس في الجاهلية يطوفون بالبيت عراة، الرجال نهارا والنساء ليلا، ولا يخفى عليك الشعر الوارد عن بعض نساء الجاهلية ... فنزلت هذه الآية الكريمة موجبة عليهم عدم طرح لباسهم لأجل الطواف بالبيت، وعدم تحريم ما أحل الله من طعام لأجل ذلك أيضا.
وقول الإمام مجاهد ليس بيانا لمعنى الزينة من حيث اللغة، بل هو بيان لأقل ما يجوز للإنسان أن يتخذه عند المساجد حتى لو لم يكن مسلما، وهذا ما تدل عليه بداية الخطاب في هذه الآية الكريمة (يا بني آدم).
وهذا ما جرت عليه عادة المسلمين في كثير من المساجد التي ترتادها نساء لا يرتدين الحجاب، حيث يجعل في مدخل المسجد مكان للعباءات النسائية لا تدخل السافرة إلى المسجد إلا بعد لبس العباءة.
(( ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: " يَا بَنِي آدم خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ " الآَيَةَ، قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالزِّينَةِ، وَالزِّينَةُ اللِّبَاسُ، وَهُوَ مَا يُوَارِي السَّوْأَةَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جَيِّدِ الْبَزِّ وَالْمَتَاعِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَأْخُذُوا زِينَتَهُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" ... عَنْ مُجَاهِدٍ" " خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ "، قَالَ: مَا وَارَى الْعَوْرَةَ، وَلَوْ عَبَاءَةٌ" ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ... مَا لَمْ يَكُنْ سَرَفًا أَوْ مَخِيلَةً)) تفسير ابن أبي حاتم - (6/ 12)
واعتراضي ليس على جميع كلامك الذي أوردته سابقا وهو قولك:
الزينة في الكلام العربي هي كل ما يُتزين به ويزين الشيء .. واختلاف ذلك باختلاف الأعراف بأن يزين الشيء في مكان أو زمان ولا يزين في آخر، أو باختلاف التصورات (فما عندك قبيح عندي حسن) أو باختلاف ما يعرض للشيء (فالثياب زينة وإن كان بعضها لا يزين بعض الناس (وكل ما غطى العورة فهو زينة في الكلام العربي) = لا يُبطل ذلك .. وهذا هو القدر الثابت عن العرب ثبوتاً لا يُنازع فيه مخالف: أنها تُطلق على كل ما يُتزين به ويزين = اسم الزينة ..
والذي يخص شيئاً من هذا باسم الزينة ويجعله هو الحقيقة ويجعل غيره من ضروب المجاز = ليس معه دليل واحد ولا عُشر دليل وليس معه سوى الدعوى والظن ..
بل على قصرك دلالة الزينة على ما يواري العورة بقولك: ((وكل ما غطى العورة فهو زينة في الكلام العربي) = لا يُبطل ذلك .. )) فأنت تريد أن تقول بأن العرب تستخدم الزينة للدلالة على عدّة أمور في أصل الوضع اللغوي لهذا اللفظ، لتجتنب القول بالحقيقة والمجاز.
وهذا هو محور النقاش ---فلا تحاول أنت ومحامي الدفاع التلبيس على القُرّاء بأمور معلومة من الدين بالضرورة ولا تخفى على طلبة العلم المبتدئين ---
فمن يسلّم لك بادّعائك الخطابي الذي بينه وبين الحقيقة كما بين المشرق والمغرب حيث تقول:
والذي يخص شيئاً من هذا باسم الزينة ويجعله هو الحقيقة ويجعل غيره من ضروب المجاز = ليس معه دليل واحد ولا عُشر دليل وليس معه سوى الدعوى والظن
كل سلف الأمة الذين سبقوك ممن يقولون بالمجاز ويفقهون اللغة بدرجة لن تدركها لو أفنيت عُمُرك في طلبها تتهمهم بأنهم ليس معهم دليل واحد ولا عُشر دليل وليس معهم سوى الدعوى والظن. أخي الحبيب لعلنا إذا توجهنا إلى أحد المصحات العقلية وسألنا بعض النازلين فيها لقال: إنّ كل الناس مجانين وأنا العاقل الوحيد، ولعل قوله هذا هو ما أدخله إلى هذه المصحّة.
ثم أخي الحبيب تعقيبك الرنّان على الآية الكريمة التي أوردتها لك وهي قوله تعالى:
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (لأعراف:26) تقول فيه: ((هل هذا كلام ينكلم به طالب علم؟؟!!
ألأن الله لم يتكلم بلفظ الزينة هاهنا مع اللباس = بطل أن تكون الزينة في الكلام العربي تستعمل في موضع اللباس؟؟!!
ما هذا؟؟!!
يا مشايخ ويا إخوان= إن للحجج سنن وللحوار أحكام .. ولا يصلح أن يُشغل الباحث بأشياء لا خطام لها ..
¥