تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه هي القاعدة العامة في تعريف هذه المسميات؛ أي أن السنة هي السنة الشمسية، والعام هو العام القمري والحول هو الدورة الزمنية (بالأعوام) التي تبدأ بحال الإنسان وتنتهي بذلك الحال مثل حال من يرضع طفلا. وسأركز على الفرق بين السنة والعام لأن الفرق دقيق ومهم.

سميت السنة الشمسية بالسنة لأن أشهرها (متكررة وثابتة) حسب الفصول المناخية الأربعة المعروفة؛ مثلا, الشهر الثامن من السنة الشمسية (ما يسمى بشهر أغسطس) على سبيل المثال يوافق شدة الصيف في كل سنة، وهكذا كل شهر يتكرر وقوعه بشكل ثابت في كل سنة فيما يوافقه من فصل مناخي؛ وهذا هو التكرار الثابت الذي ذكرت.

وسمي العام عاما لأن شهور العام "تعم" جميع فصول السنة المناخية، فمثلا شهر رمضان تجده في تاريخ ما يوافق فصل الصيف وفي تاريخ آخر يوافق فصل الشتاء، ومرة الربيع ومرة الخريف وهكذا.

وكلا السنة والعام فيهما 12 شهرا

وفرق آخر هو في المدة الزمنية محسوبة بالأيام، كما يعرف الجميع؛ فالمدة الزمنية للسنة هي 365 يوما تقريبا، والمدة الزمنية للعام هي 354 يوما تقريبا؛ واليوم هو الوحدة الزمنية التي تشترك فيها "السنة" و "العام"؛لأن حركة الشمس وحركة القمر يتعاقبان في حركة الليل والنهار وهما ما يكون اليوم المعروف للناس.

يقول الله تبارك وتعالى في سورة الكهف:" ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا"، فهذه السنين أخذت دلالتها من (فعل/حركة) الشمس، وهذا المدلول يرتبط بما قبله من آيات في نفس السورة حيث يقول الله عز وجل:"وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال"،ولأن الله جعل (فعل/حركة) الشمس دليلا على مدة بقائهم؛ فناسب أن يذكر السنين بدلا من العام.

وحسب هذه القاعدة العامة، أيضا، فإن ذكر" السنة" في القرآن الكريم يرد عند حساب الزمن (المطلق) لأن السنة يحددها حركة الشمس (الكونية) بكميات مضبوطة ودقيقة لا مجال للخطأ فيها (لأنه ليس لرؤية الناس دور في تحديد بدء الشهر).

وحسب هذه القاعدة فإن ذكر "العام" يرد في العبادات؛ لأن العبادات ترتبط برؤية الإنسان لهلال الشهر (وحركة القمر تبدأ حين يكون هلالا)، يقول الله تبارك وتعالى:" يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج"، وهي رؤية قد يحدث لبس لدى الناس في إدراكها والرسول الكريم يقول:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته؛ فإن غم عليكم فأكملوا عدة الشهر ثلاثين يوما.

والآن ما هي الحكمة من ذكر الله تعالى للسنة والعام في آية واحدة في قصة نوح وهي قوله تعالى: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا

عدد أيام السنة هي 365 يوما تقريبا، وعدد أيام "العام" هو 354 يوما تقريبا، ومن يريد عمر نوح بحساب دقيق عليه أن يحسب عدد أيام السنة (وهي أيام شمسية) فيكون عدد أيام ألف سنة كما يلي:-

1000×365=365000 يوم

عدد أيام العام 354 يوما تقريبا (وهي أيام قمرية)؛فتكون خمسون عام كما يلي:

50×354=17700 يوما

إذا عمر نوح بالأيام هو

365000 - 17700= 347300 يوما

ولو كانت الخمسون (شمسية)، فتكون خمسون سنة كما يلي:

50×365=18250 يوم

ويكون عمر نوح هو

365000 - 18250 =346750 يوم

والفرق بين الحسابين هو 550 يوم وهو فرق كبير وهنا يظهر فائدة معرفة الدلالات اللغوية والكونية للمفردات القرآنية، والله تعالى أعلم.

أما قصة صاحب القرية فقد ذكر الله مائة عام حتى نعرف أنها مائة عام حسب حركة القمر فنعلم عدد الأيام على وجه الدقة فتكون المدة بالأيام هي

100×345=354000 يوما

وفي سورة يوسف قال: (تزرعون سبع سنين دأباً ... ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ... ثم يأتي من بعد ذلك عام)، والزراعة ترتبط بالأحوال المناخية الثابتة على مدى السنة (الشمسية) ولذلك ناسب استخدام لفظ سنين. والغوث الذي يأتي الناس ليس له وقت معلوم محدد مثل تحديد شهور (السنة)؛بل قد يأتي في أية شهر من شهور العام؛ ولذلك ناسب أن يقول ثم يأتي من بعد ذلك عام إلى آخر الآية. والله تعالى أعلم.

لماذا يربط العرب بين القحط ولفظ "السنة"؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير