تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

12 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع شبراً من الأرض؛ طوقه يوم القيامة من سبع أرضين). وقد اختلف في قوله صلى الله عليه وسلم: (من سبع أرضين)؛ كيف يكون سبعاً؟ فقيل: المراد القارات السبع، وهذا ليس بصحيح؛ لأن هذا يمتنع بالنسبة لقوله: (طوقه من سبع أرضين)، وقيل: المراد المجموعة الشمسية، لكن ظاهر النصوص أنها طباق كالسماوات، وليس لنا أن نقول إلا ماجاء في الكتاب والسنة عن هذه الأرضين؛ لأننا لا نعرفها. ص88.

13 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: (لا يسترقون) وفي بعض روايات مسلم: (لا يرقون) ولكن هذه الراوية خطأ؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرقي، ورقاه جبريل، وعائشة، وكذلك فعل الصحابة كانوا يرقون. ومعنى لا يسترقون أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم؛ لما يلي: لقوة اعتمادهم على الله ـ لعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله ـ ولما في ذلك من التعلق بغير الله. ص103.

14 ـ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون) فهل طلب العلاج يدخل من ضمنها؟

الظاهر أنه مثله لأنه عام، وقد يقال: أنه لولا قوله: (ولا يسترقون)؛ لقلت: أنه لا يدخل؛ لأن الاكتواء ضرر محقق: إحراق بالنار، وألم للإنسان، ونفعه مرتجى، لكن كلمة (يسترقون) مشكلة؛ فالرقية ليس فيها ضرر، إن لم تنفع لم تضر، وهنا نقول: الدواء مثلها؛ لأن الدواء إذا لم ينفع لم يضر، وقد يضر أيضاً؛ لأن الإنسان إذا تناول دواء وليس فيه مرض لهذا الدواء فقد يضره. وهذه المسألة تحتاج إلى بحث، وهل نقول مثلاً: ما تؤكد منفعته إذا لم يكن في الإنسان إذلال لنفسه؛ فهو لا يضر، أي: لا يفوت المرء الكمال به، مثل الكسر وقطع العضو مثلاً، أو كما يفعل الناس الآن في الزائدة وغيرها.

ولو قال قائل بالاقتصار على ما في هذا الحديث، وهو أنهم لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وأن ما عدا ذلك لا يمنع من دخول الحنة بلا حساب ولا عذاب؛ للنصوص الواردة بالأمر بالتداوي والثناء على بعض الأدوية؛ كالعسل والحبة السوداء؛ لكان له وجه. ص104 ـ 105.

15 ـ الإنسان إذا أتاه من يرقيه ولم يمنعه؛ فإنه لا ينافي قوله: (ولا يسترقون)؛ لأن هناك ثلاث مراتب:

المرتبة الأولى: أن يطلب من يرقيه، وهذا قد فاته الكمال.

المرتبة الثانية: أن لايمنع من يرقيه، وهذا لم يفته الكمال؛ لأنه لم يسترق ولم يطلب.

المرتبة الثالثة: أن يمنع من يرقيه، وهذا خلاف السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع عائشة أن ترقيه، وكذلك الصحابة لم يمنعوا أحداً أن يرقيهم؛ لأن هذا لا يؤثر في التوكل. ص111.

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[25 May 2010, 09:28 م]ـ

16 ـ الرياء ينقسم باعتبار إبطاله للعبادة إلى قسمين:

الأول: أن يكون في أصل العبادة أي ما قام يتعبد إلا للرياء؛ فهذا عمله باطل مردود عليه لحديث أبي هريرة في الصحيح مرفوعاً، قال الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه).

الثاني: أن يكون الرياء طارئاً على العبادة، أي: أن أصل العبادة لله، لكن طرأ عليها الرياء؛ فهذا ينقسم إلى قسمين:

الأول: أن يدافعه؛ فهذا لا يضره. مثاله: رجل صلى ركعة، ثم جاء أناس في الركعة الثانية، فحصل في قلبه شيء بأن أطال الركوع أو السجود أو تباكى وما أشبه ذلك، فإن دافعه؛ فإنه لا يضره لأنه قام بالجهاد.

القسم الثاني: أن يسترسل معه؛ فكل عمل ينشأ عن الرياء، فهو باطل؛ كما لو أطال القيام، أو الركوع، أو السجود، أو تباكى؛ فهذا كل عمله حابط، ولكن هل هذا البطلان يمتد إلى جميع العبادة أم لا؟ نقول: لا يخلو هذا من حالين:

الحال الأولى: أن يكون آخر العبادة مبنياً على أولها، بحيث لا يصح أولها مع فساد آخرها؛ فهذه كلها فاسدة. وذلك مثل الصلاة؛ فالصلاة مثلاً لا يمكن أن يفسد آخرها ولا يفسد أولها، وحينئذ تبطل الصلاة كلها إذا طرأ الرياء في أثنائها ولم يدافعه.

الحالة الثانية: أن يكون أول العبادة منفصلاً عن آخرها، بحيث يصح أولها دون آخرها، فما سبق الرياء؛ فهو صحيح، وما كان بعده؛ فهو باطل. مثال ذلك: رجل عنده مئة ريال، فتصدق بخمسين بنية خالصة، ثم تصدق بخمسين بقصد الرياء، فالأولى مقبولة، والثانية غير مقبولة؛ لأن آخرها منفك عن أولها. ص117 ـ 119.

17 ـ قال تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني) في قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم: (إلا الذي فطرني)، ولم يقل إلا الله فائدتان:

الأولى: الإشارة إلى علة إفراد الله بالعبادة؛ لأنه كما أنه منفرد بالخلق؛ فيجب أن يفرد بالعبادة.

الثانية: الإشارة إلى بطلان عبادة الأصنام؛ لأنها لم تفطركم حتى تعبدوها؛ ففيها تعليل للتوحيد الجامع بين النفي والإثبات، وهذه من البلاغة التامة في تعبير إبراهيم عليه السلام. ص150.

18 ـ دعاء المخلوق ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: جائز، وهو أن تدعو مخلوقاً بأمر من الأمور التي يمكن أن يدركها بأشياء محسوسة معلومة؛ فهذا ليس من دعاء العبادة، بل هو من الأمور الجائزة، قال صلى الله عليه وسلم: (وإذا دعاك فأجبه).

الثاني: أن تدعو مخلوقاً مطلقاً، سواء كان حياً أو ميتاً فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فهذا شرك أكبر لأنك جعلته نداً لله فيما لا يقدر عليه إلا الله، مثل: يا فلان! اجعل ما في بطن امرأتي ذكراً.

الثالث: أن تدعو مخلوقاً ميتاً لا يجيب بالوسائل الحسية المعلومة؛ فهذا شرك أكبر أيضاً لأنه لا يدعو من كان هذه حاله حتى يعتقد أن له تصرفاً خفياً في الكون. ص159 ـ 160.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير