قال تعالى " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " وقوله تعالى " ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ... " وقوله تعالى " فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ ... " وقوله تعالى " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ... " وغيرها من الآيات.
ومن السنة أحاديث كثيرة نقتصر على ما صح سنده
* عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قال يا عائشة من هذا قلت أخي من الرضاعة قال:" يا عائشة انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة "
أخرجه البخاري 6/ 554.
* وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام "
اخرجه الترمذي 3/ 458 ثم قال حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئا.
* وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا.
أخرجه مسلم 2/ 1078.
وأما القول الثاني فمداره على عموم حديث عائشة – رضي الله عنها – ولا دليل لهم غيره وسيأتي رده في الرد على القول الثالث.
وأما القول الثالث فجعلوا أدلة القول الأول مستند لهم , وحديث عائشة – رضي الله عنها – واقع على من كان حاله كحال سالم مولى أبي حذيفة – رضي الله عنهما -.
وقد أجاب عن كلا القولين الأخيرين (القول بأن رضاع الكبير ينشر المحرمية مطلقاً والقول بالتفصيل) كثير من الأئمة الأعلام.
وسأختصر في النقول هنا على المنصوص صريحا دون تتبع لأقوالهم – رحمهم الله – وقد وقعت على أكثر من 100 نقل في هذه المسألة.
قال القرطبي - رحمه الله -:" حكى الوليد بن مسلم عن مالك – رحمه الله - أنه قال: ما كان بعد الحولين من رضاع بشهر أو شهرين أو ثلاثة فهو من الحولين، وما كان بعد ذلك فهو عبث.
ثم ساق – رحمه الله – الأقوال ثم قال: وانفرد الليث بن سعد من بين العلماء إلى أن رضاع الكبير يوجب التحريم، وهو قول عائشة رضي الله عنها، وروي عن أبي موسى الأشعري، وروي عنه ما يدل على رجوعه عن ذلك "
ثم قال قلت: وهذا الخبر مع الآية والمعنى، ينفى رضاعة الكبير وأنه لا حرمة له.
تفسير القرطبي 3/ 163.
وقال ابن بطال – رحمه الله -:" اتفق أئمة الأمصار على أن رضاع الكبير لا يحرم، وشذ الليث وأهل الظاهر عن الجماعة، وقالوا: إنه يحرم، وذهبوا إلى قول عائشة في رضاعة سالم مولى أبي حذيفة، وحجة الجماعة قوله تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) [البقرة: 233]، فأخبر تعالى أن تمام الرضاعة حولان، فعلم أن ما بعد الحولين ليس برضاع، إذ لو كان ما بعده رضاعًا لم يكن كمال الرضاعة حولين "
شرح صحيح البخاري 7/ 197.
وقال ابن العراقي – رحمه الله -:" أجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه خاص بسالم، وامرأة أبي حذيفة كما اقتضاه كلام أمهات المؤمنين سوى عائشة رضي الله عنهن، وروى الشافعي رحمه الله عن أم سلمة أنها قالت في الحديث " كان رخصة لسالم خاصة " قال الشافعي " فأخذنا به يقينا لا ظنا " حكاه عنه البيهقي في المعرفة، وقال ما معناه إنما قال هذا لأن الذي في غير هذه الرواية أن أمهات المؤمنين قلن ذلك بالظن، ورواه (أي الشافعي) عن أم سلمة بالقطع.
" وقال ابن المنذر ليست تخلو قصة سالم من أن تكون منسوخة أو خاصة لسالم "
" وحكى الخطابي عن عامة أهل العلم أنهم حملوا الأمر في ذلك على أحد وجهين إما على الخصوص، وإما على النسخ "
طرح التثريب 7/ 346.
وقال العيني – رحمه الله -:" وعند جمهور العلماء من الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار إلى الآن لا تثبت إلا برضاع من له دون سنتين .... وأجابوا عن حديث سهلة على أنه مختص بها وبسالم وقيل إنه منسوخ والله أعلم "
عمدة القاري 9/ 218.
¥