• يحتج بعضهم بأنه لو كان خاصاً بسالم لكان في لفظ الحديث ما يدل على أنه خاص كقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن نيار – رضي الله عنه – في التضحية بالعناق " نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك " , فذكر هنا أنها خاصة به دون غيره وفي حديث سهلة لم يذكر هذا , والرد على هذا أن قول النبي صلى عليه وسلم لأبي بردة كان من على المنبر كما في الصحيحين وهذا أمر عام ولو لم يبين أنه خاص بأبي بردة لبقي العموم على عمومه , أما حديث رضاع سالم فكان خاصاً بينه صلى الله عليه وسلم وبين سهلة ويبقى الخصوص على خصوصه.
• يستدل أصحاب القول بالتفصيل بجواز الإرضاع في حال المشقة كحال سالم وسهلة – رضي الله عنهما – وهذا التخصيص يحتاج إلى دليل والحال ليس دليلا يحتج به , وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما كان فيه مشقة ربما تزيد على المشقة الواقعة على سهلة وسالم ففي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت ". مع أن بعض أخوة الزوج من ليس لديه مسكن إلا مع أخيه , ومعلوم حال الصحابة في ذلك الوقت , وقلة ذات أيديهم , وصغر بيوتهم وحاجة أخو الزوج للدخول بيت أخيه في غيابه ظاهرة , فلو كان رضاع الكبير جائزاً بإطلاق أو حتى جائزاً بوجود المشقة , لرخص النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ولم يكن من هذا شيء.
(والقرينة الأخيرة أفدتها من كلام الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -).
وفيما سبق من الأدلة والنقول والقرائن والمرجحات يترجح القول بعدم جواز رضاع الكبير وأن واقعة سالم مولى أبي حذيفة (واقعة عين) وهي خاصة به – رضي الله عن أصحاب رسول الله -.
ذكر حافظ حكمي – رحمه الله –
من أوجه ترجيح الأقوال أن تتعارض الأقوال فقال:" ومن ذلك كون الراوي لأحدهما قد روى عنه خلافه فيتعارض روايتاه ويبقى الآخر سليماً عن المعارضة: كحديث أم سلمة: " لا يحرم من الرضاع غلاما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام" مع حديث عائشة في "الصحيحين": "أنها كانت ترى رضاع الكبير يؤثر في التحريم محتجة بحديث سالم مولى أبي حذيفة حيث أمر النبي (امرأة أبي حذيفة أن ترضعه وكان كبيراً وكان يدخل عليها بتلك الرضاعة" فتعارض الحديثان لكن ثبت عن عائشة في "الصحيحين" أن رسول الله (قال لها: "انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة" فتعارض روايتا عائشة وبقى حديث أم سلمة سليماً من المعارضة فرجح، وهذا هو مذهب الجمهور وهم الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة والأكابر من الصحابة وسائر أزواج النبي (سوى عائشة رضي الله عنهن ورأوا حديث سالم المتقدم من الخصائص ومن ذلك تقديم الخاص على العام، والمطلق على المقيد، والمنطوق على المفهوم، وغير ذلك.
دليل أرباب الفلاح 41.
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[31 May 2010, 05:48 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخانا الكريم
أبا مجاهد النجدي
وهذه إضافة من مقال قد كتبته قبل مدة لعل فيها ما يفيد!!
وقال ابن القيم رحمه الله:وسألته سهلة بنت سهيل فقالت إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا فقال أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة فرجعت فقالت إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة ذكره مسلم
فأخذت طائفة من السلف بهذه الفتوى منهم عائشة ولم يأخذ بها أكثر أهل العلم وقدموا عليها أحاديث توقيت الرضاع المحرم بما قبل الفطام وبالصغر وبالحولين لوجوه
احدها: كثرتها وانفراد حديث سالم.
الثاني: أن جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خلا عائشة رضي الله عنهن في شق المنع.
الثالث: أنه أحوط.
الرابع: أن رضاع الكبير لا ينبت لحما ولا ينشر عظما فلا تحصل به البعضية التي هي سبب التحريم.
الخامس: أنه يحتمل أن هذا كان مختصا بسالم وحده ولهذا لم يجئ ذلك إلا في قصته.
السادس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة وعندها رجل قاعد فاشتد ذلك عليه وغضب فقالت إنه أخي من الرضاعة فقال انظرن من إخوانكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة متفق عليه واللفظ لمسلم وفي قصة سالم مسلك آخر وهو أن هذا كان موضع حاجة فإن سالما كان قد تبناه أبو حذيفة ورباه ولم يكن له منه ومن الدخول على أهله بد فإذا دعت الحاجة إلى مثل ذلك فالقول به مما يسوغ فيه الاجتهاد ولعل هذا المسلك أقوى المسالك واليه كان شيخنا يجنح والله أعلم.
إعلام الموقعين ج4/ص347
وقال الشيخ ابن عثيمين: والخلاصة أنه بعد انتهاء التبني نقول: لا يجوز إرضاع الكبير ولا يؤثر إرضاع الكبير بل لابد إما أن يكون في الحولين وإما أن يكون قبل الفطام.
الممتع ج13 ص 436.