تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعدت للشقة وصاحبي عاكف على برادِ الشاي يناجيه وكأنه يناجي القمر!

فقلت: قم يا عدو نفسه أوقد الفرن، فقد جاءنا الفََرَج، وكانت ليلةً من أجمل الليالي.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jul 2010, 07:28 ص]ـ

يقال: إن الحكيم يكون عيياً متى وصف هوى أو حبيباً، ولا أقول لك إلا كما قال الأعرابي لما ضل في سفر له ليلاً وطلع القمر فاهتدى به، فقال: ما أقول لك؟ أقول: رفعك الله وقد رفعك؟ أم أقول: نورك الله وقد نورك؟ أم أقول: جملك الله وقد جملك؟

ما أجمل هذا الكلام أخي فهد وأبلغه لولا أنك تقصدني به، وأقول: غفر الله لك، ورفع قدرك، ونوَّرَ بَصيرتَكَ، وجَمَّلَ أخلاقَك وقد فَعَلَ، فلو عَرفتَنِي حقَّ المعرفةِ لَغَيَّرتَ رأيك، ولكنه ستر الله إذا أسبله على العبد.

فشكر الله لك يا أخا البدر.

ذكرني هذا بأبيات ابن زيدون البديعة، وهي قوله:

ودّع الصبرَ مُحِبٌّ ودَّعَكْ * ذائعٌ مِن سِرِّهِ ما استودَعَكْ

يَقرعُ السِّنَّ على أَن لم يكن*زادَ في تلك الخُطى إذ شَيَّعَكْ

يا أَخا البَدرِ سناءً وسَنًى*حفظَ اللَهُ زماناً أطلَعكْ

إِنْ يَطُلْ بعدَكَ ليلي فَلَكَمْ*بِتُّ أشكو قِصَرَ الليلِ مَعكْ

وأحييك على ذوقك وأدبك، وحسن اختيارك للشعر والنثر وأسأل الله لك المزيد من فضله فهو واسع العطاء سبحانه، وهذه مَلَكَةُ النُّفوسِ الشفافة الذوَّاقة، والقلوب الصادقة الخفَّاقة بالصدق والمروءة من أمثالك، وأما أهل التكلُّف للبلاغةِ وهم عنها مُبْعَدُون فَسلِّم لي عليهم!

والموقف الآخر الذي نطمع فيه أدام الله عليك فضله، لما كنتم تستمعون لبرنامج إذاعي في السيارة فأُثني على كتاب وكان بينكم وبين المكتبة مسافة، فلعلكم تتذكرون الموقف لأني لا أريد أن أفسده على الإخوة والأخوات.

لقد أكثرتُ عليكم من ذكر مثل هذه المواقف، ولولا أنني أعلم أنَّ بعض إخواني القراء قد يستفيد من مثل هذه المواقف الطريفة التي لا تخلو من فائدة لما شققت عليهم بكتابتها. وكم أطرب لقراءة مثل هذه المواقف والقصص في كتب التراجم وقصص العلماء قديماً وحديثاً، والناس في هذا مثلي وأشد حباً لها.

خرجتُ يوم الأربعاء 12/ 6/1412هـ من كلية الشريعة وأصول الدين في أبها عند الساعة الحادية عشرة صباحاً متجهاً إلى النماص التي تبعد عن أبها ما يقارب مائة وأربعين كيلاً شمالاً باتجاه مكة المكرمة، وكنتُ أملك سيارة كورولا، وكانت تلك عادة لا أتركها أسافر كل أربعاء للنماص وأعود مساء الجمعة براً بوالدي رحمه الله ووالدتي حفظها الله حيث كانا يقيمان في النماص بمفردهما ولم يبق لهما إلا أنا بعد تفرق أشقائي وشقيقاتي في البلاد، فأذهب لأقضي لهما ما يحتاجان إليه ثم أعود وهكذا، وبعد أن قطعتُ من الطريق مسافةً طويلة وقاربت الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة ربما فتحت المذياع على إذاعة الرياض، ونافذة السيارة مفتوحة وهواء جبال السروات هواء عليل في أوقات الصباح لا يُمَلُّ، وإذ بصوت المذيع المميز عدنان صادق الدبسي - الله يذكره بالخير- فهو من أروع وأجود من سمعته في إذاعة الرياض وإذاعة القرآن الكريم حتى اليوم، في نبرة صوته أبعاد لا أجدها في صوت غيره، مع ثقافةٍ عاليةٍ، وحسن قراءةٍ، وكانت له برامج قديمة في غاية الروعة منها (أعلام المفسرين من الصحابة) و (أعلام المفسرين من التابعين)، وأنا أحاول جاهداً الحصول على نسخ من تلك البرامج لرفعها للملتقى بإذن الله.

وإذا به - في برنامج لا أذكره - يتكلم عن كتابٍ من كتب الأدب، ويذكر بعض أخبار مؤلفه، ومميزات الكتاب، ولم أعرف الكتابَ بعدُ، فجنَّبْتُ على الطريق في منطقةٍ اسمها (صَبَحْ) من بِلادِ قبيلة بللحمر بل هي حاضرة بللحمر، وحاولتُ أن أُصفِّي صوت المذياع أكثر لأن الإذاعة لا تصلنا في الجنوب إلا وقد ذهبت الرياح بأكثرها ولم يبق إلا بقايا الإذاعة، وإذا به يقول: وكان لابن الأثير غير كتابه هذا (المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر) مؤلفات أخرى ... وأخذ يسردها. فكتبت اسم المؤلف، واسم الكتاب، وكنتُ حينها مشغوفاً بالأدب أقرأ في كتبه، وأحفظ من الشعر الجيد الذي أجده ما أستطيع، ففكرت للحظة بالرجوع لأبها لشراء الكتاب، وكنت قد ابتعدتُ عن أبها مسافة قد تقارب المائة كيلو أو أقل قليلاً، والظهر اقترب وستغلق المكتبات، ثم تذكرتُ ما قاله عدنان الدبسي عن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير