تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقد فوجئت بما لم يكن يخطر لي ببال ولا يقع في خيال، عندما سمعت أنَّ الشيخ محمد بن سليمان الأشقر ـ وفَّقَه الله لما فيه الخير والسلامة من الشرِّ ـ قدح في الصحابي الجليل: أبي بكرة وفي مروياته التي انفرد بها عن غيره من الصحابة في صحيح البخاري وغيره، وفي مقدمتها حديثه عن النبي *: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))، فاستبعدت صدور ذلك منه، ولم أصدق بذلك، ثم وصل إليَّ صورة من مقال له نشر في صحيفة الوطن الكويتية، بتاريخ: 29/ 5/2004م بعنوان (نظرة في الأدلة الشرعية حول مشاركة المرأة في الوظائف الرئاسية والمجالس النيابية ونحوها).

وأكد صحّة نسبة هذا المقال إليه، بمكالمة هاتفية أجرتها الصحيفة معه نشرتها بتاريخ: 31/ 5/2004م، فاتصلت به هاتفياً أعتب عليه هذه الجرأة، والإقدام على شيء لم يسبقه إليه أحد طيلة القرون الماضية، ورجوت منه بإلحاح أن يرجع عن هذا الذي انفرد به عن علماء المسلمين سلفاً وخلفاً، وسبب قدحه في أبي بكرة ثم في مروياته التي انفرد بها؛ أنَّ عمر جلده واثنين معه لشهادتهم على المغيرة بن شعبة بالزنى، وكونه لم يتب، وذكرت له ما بينه العلماء من أنَّ أبا بكرة شاهد ولم يكن قاذفاً، وفرق بين الشاهد والقاذف، وقد اتفق العلماء سلفاً وخلفاً على قبول مروياته، ولم يُنقل الطعن فيها عن أحد قبله، ثم إني بعثت إليه كتاباً أكدت عليه فيه إلحاحي برجاء الرجوع عما صدر منه، وأرفقت به أوراقاً مشتملة على شيء من كلام العلماء في فضل أبي بكرة والثناء عليه، وفي قبول مروياته وعدم ردّ شيء منها، ولا زلت آمل رجوعه إلى الحق.

وحاصل ما اشتمل عليه المقال، رميه أبا بكرة بالكذب، وزعمه أنَّ صحيح البخاري مشتمل على ما هو موضوع مكذوب على رسول الله *، وهذا القدح الخطير في أبي بكرة وفي صحيح البخاري، كله من أجل تسويغ وتجويز أن تتولى المرأة الولاية العامة، وهي وسيلة سيئة إلى غاية سيئة، فأبو بكرة بريء مما رماه به من الكذب، وصحيح البخاري خال مما زعم وجوده فيه من الموضوع المكذوب على النبي *، والغاية التي قصدها باطلة بالكتاب والسّنّة والإجماع، وقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 364) عن رجل من الحنفية قدح في حديث المصراة بأنَّه من رواية أبي هريرة وأنَّه لم يكن كابن مسعود وغيره من فقهاء الصحابة، فلا يؤخذ بما رواه مخالفاً للقياس الجلي، قال: ((وهو كلام آذى قائله به نفسه، وفي حكايته غنى عن تكلف الرد عليه))، وكلام هذا الحنفي في أبي هريرة أسهل بكثير من كلام الشيخ محمد الأشقر في أبي بكرة، والشيخ محمد الأشقر من أهل العلم والفضل عرفته قبل أربعين سنة حين كان مدرِّساً بالجامعة الإسلامية بالمدينة، وهذا الذي حصل منه في أبي بكرة ومروياته سقطة شنيعة، لا يجوز أن يتابَع عليها ولا أن يُغترَّ بها، ويجب الحذر منها.

وهذا ردّ يشتمل ـ بعد إيراد مقاله ـ على ما يلي:

أولاً: فضل أبي بكرة وثناء العلماء عليه.

ثانياً: قبول العلماء مرويات أبي بكرة وأنَّ ما حصل له لا تأثير له في روايته.

ثالثاً: سلامة ما في صحيح البخاري من الانتقاد مما دون الوضع.

رابعاً: ذكر الأدلة على أنَّ المرأة ليست من أهل الولاية العامة، ولا ما دونها من الولاية على الرجال.

خامساً: التعليق على جمل من المقال.

مقال الشيخ محمد الأشقر

نظرة في الأدلة الشرعية حول مشاركة المرأة

في الوظائف الرئاسية والمجالس النيابية ونحوها.

نَّ أهم مستند يستند إليه من يدعون أن الشرع الإسلامي يمنع من مشاركة المرأة في الميادين المتقدمة هو الحديث المشهور الذي أخرجه البخاري ح (4425) و (7099)، وأخرجه أيضا الإمام أحمد في مسنده برقم (20438) و (20402) و (20455)، كلاهما عن أبي بكرة أنَّ النَّبِيَّ * قال: ((لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة))، هذا لفظ البخاري، وعند أحمد: ((لا يفلح قوم تملكهم امرأة))، هذا الحديث هو المستند الرئيسي لكلِّ من يتكلم في هذا الأمر، ولم يرد هذا الحديث من رواية أي صحابي آخر غير أبي بكرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير