فأنت ترى أن هذا الصحابي فَعَل ما فَعَل، ولو فَعَله غيره ممن لم يَنَل شرف شهود غزوة بدر، لربما كان له شأن آخر.
ويُقال مثل ذلك في حق أبي بكرة رضي الله عنه، فإنه نال شرف الصحبة، وكفى بهذا الشَّرَف تعديلا وتوثيقاً.
ثم إن أبا بكرة الثقفي له أربعة عشر حديثا في صحيح البخاري!
فلِمَ لم يُطعَن إلا في هذا الحديث؟
أنا أُخبِرك!
لأنه عارَض أهواء أقوام يُريدون إخراج المرأة!
الشبهة الرابعة:
ذِكْر بلقيس ملكة سبأ في القرآن الكريم.
حيث قال القائل: (ويكفينا إشادة القرآن ببلقيس ملكة سبأ وهى امرأة)
والجواب عن هذه الشُّبهة من عدّة أوجه:
الوجه الأول: أن يُقال أين هي الإشادة؟
أفي نسبتها للضلال والكُفر؟
كما في قوله تعالى: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ)
أم في ذِكر بعثها للرشوة باسم الهدية؟!
كما في قوله تعالى: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)
وربما يُقصد بالإشادة ما ذُكِر عنها أنها كانت عاقلة حكيمة
وهذا يُجاب عنه في:
الوجه الثاني: أن يُقال إنها كانت كافرة، فهل إذا أُثني على كافر بِعَدْلٍ أو بِعَقْلٍ يكون في هذا إشادة بِكُفره؟!
بل وفي نفس القصة: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ) فهل يُمكن أن يُقال: هذا فيه ثناء على العفاريت! فَتُولَّى العفاريت المناصِب! وتُحَكّم في الناس؟!!!
الوجه الثالث: أن هذا لو صحّ أن فيه إشادة - مع ما فيه من ذمّ - فليس فيه مستند ولا دليل.
أما لماذا؟
فلأن هذا من شرع من قبلنا، وجاء شرعنا بخلافه.
الوجه الرابع:
أن هذا الْمُلك كان لِبلقيس قبل إسلامها، فإنها لما أسلمت لله رب العالمين تَبِعَتْ سُليمان عليه الصلاة والسلام، فقد حكى الله عنها أنها قالت: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
فلما أسلمت مع سليمان لم يعُد لها مُلك، بل صارت تحت حُكم سليمان عليه الصلاة والسلام.
أخيراً:
إلى كل من خاض في مسألة تولية المرأة للمناصِب، ومن يُطالِب أن تكون المرأة (قاضية) و (وتوليها المناصب الوزارية)!
بل ويستدل بعضهم بما كان من الكفّار قديما وحديثا.
أما قديما فيستدلّون بقصة بِبلقيس!
وأما حديثاً فيستشهدون بحُكم (اليزابيث)!
وعجيب ممن ترك الكتاب والسنة وأصبح يستدلّ على صحة أقواله بأحوال الكفار قديما وحديثاً!
ومتى كانت أفعال الكفار مصدراً للتشريع؟؟!!
أما حُكم ملكة بريطانيا فإنه في الواقع تشريفي وراثي فحسب.
ثم إن المتنفِّذِين في السياسة والحياة العامة هم مِن الرجال سواء بسواء في بقية الدول الأوربية،ولو لم يكن كذلك فإنه من أفعال النصارى التي لا مستند فيها ولا دليل ولا شُبهة أصلاً!
ثم إنهم يزعمون أن المرأة الغربية أكثر حصولاً على الحقوق من غيرها، وهي لا تتولّى المناصب الكبرى ذات الخطورة والأهمية.
" وحتى الآن فجميع رؤساء الولايات المتحدة هم من الرِّجال البِيض ذوي نفوذ مالي واجتماعي كبير "
كما قال د. المسلاتي في كتابه (أمريكا كما رأيتها).
وهذا يؤكِّد أن الدعاوى في وادٍ والواقع في وادٍ آخر!!
ويؤكِّد أيضا أن شُبهات القوم إنما تُثار في بلاد الإسلام فحسب!
وإلا فما معنى أن تُطالَب المرأة أن تتولّى القضاء والمناصِب القيادية، وهي لا تأخذ نصيبها من قيادة وإدارة دفّة الْحُكْم؟؟؟!!!
والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل.
كتبه / عبد الرحمن السحيم 1425 هـ.
ـ[السراج]ــــــــ[29 May 2010, 06:31 ص]ـ
الدفاع عن الصحابي أبي بكرة ومروياته
والاستدلال لمنع ولاية النِّساء على الرِّجال
تأليف
العلامة الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الحمد لله الذي جعل أمة نبينا محمد خير الأمم، وشرف أول قرن فيها بصحبة سيد العرب والعجم، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له الأعلى الأجل الأكرم، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.
أما بعد:
¥