تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الشيخ عبد القادر بدران في حاشيته على روضة الناظر: ((المحدود بسبب كونه قذف غيره إما أن يكون قذفه بلفظ الشهادة مثل أن يشهد على إنسان بالزنا، أو بغير لفظ الشهادة مثل من قال لغيره يا زان، فإن كان قذفه بلفظ الشهادة لم يرد خبره وقبلت روايته لأنَّه إنما يُحدُّ والحالة هذه لعدم كمال نصاب الشهادة بالزنا وهو أربعة، إذ لو كملوا لحُدّ المشهود عليه دون الشهود، وعدم كمال نصاب الشهادة ليس من فعل هذا الشاهد المحدود حتى يعاقب برد شهادته، وإن كان قذفه بغير لفظ الشهادة كقوله: يا زان يا عاهر ونحوه ردت شهادته حتى يتوب؛ لأنَّ هذا القاذف كان بسبب من فعله وهو قذْفُه فعوقب عليه بالحد وسُلب منصب الشهادة، فإذا تاب قبلت شهادته قال الله تعالى:

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} أي: فاقبلوا شهادتهم بعد التوبة)).

وقال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في مذكرته في أصول الفقه على روضة الناظر (ص:125): ((حاصل ما ذكر في هذا الفصل أنَّ في إبطال الرواية بالحد في القذف تفصيلاً، فإن كان المحدود شاهداً عند الحاكم بأنَّ فلاناً زنى وحُدّ لعدم كمال الأربعة، فهذا لا ترد به روايته؛ لأنَّه إنما حُدّ لعدم كمال نصاب الشهادة في الزنى، وذلك ليس من فعله، وإن كان القذف ليس بصيغة الشهادة، كقوله لعفيف: يا زان ويا عاهر ونحو ذلك، بطلت روايته حتى يتوب أي ويصلح، بدليل قوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}، واستدل المؤلف رحمه الله لما ذكره من الفرق بين الحد على سبيل القذف والحد على سبيل عدم كمال النصاب في الشهادة بقصة أبي بكرة؛ لأنَّه متفق على قبول روايته مع أنَّه محدود في شهادته على المغيرة بن شعبة الثقفي بالزنا، والشهادة في هذا ليست كالرواية، فلا تقبل شهادة المحدود في قذف أو شهادة حتى يتوب ويصلح، بدليل قول عمر لأبي بكرة: تب أقبل شهادتك، خلافاً لمن جعل شهادته كروايته فلا ترد وهو محكي عن الشافعي، والحاصل أن القاذف بالشتم تُرد شهادته وروايته بلا خلاف حتى يتوب ويصلح، والمحدود في الشهادة لعدم كمال النصاب تقبل روايته دون شهادته، وقيل تقبل شهادته وروايته، وقصة أبي بكرة المشار إليها أنَّه شهد على المغيرة بن شعبة بالزنا هو وأخوه زياد ونافع بن الحارث وشبل بن معبد (1)، فتلكأ زياد أو غيره في الشهادة، فجلد عمر الثلاثة المذكورين. (1) في المطبوعة (سعيد بن سهل)، والمعروف أنَّ أحد الشهود (شبل بن معبد)، فيكون فيها قلب وتصحيف.

الأول: أنَّ رواية أبي بكرة عن النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام مقبولةٌ عند العلماء باتفاق، ولم يخالف في ذلك واحد منهم في القديم والحديث، وأوَّل من تفوَّه بخلاف ذلك الشيخ محمد الأشقر في القرن الخامس عشر، وكنت قد سألته هاتفيًّا: هل تعلم أحداً سبقك إلى القول بردِّ رواية أبي بكرة؟ فأجاب بالنفي، وتقدَّم في كلام الإسماعيلي المتوفى سنة (371هـ) قوله: ((لم يمتنع أحد من التابعين فمن بعدهم من رواية حديث أبي بكرة والاحتجاج به، ولم يتوقف أحد من الرواة عنه ولا طعن أحد على روايته من جهة شهادته على المغيرة))، وتقدَّم أيضاً قول البيهقي المتوفى سنة (458هـ): ((كلُّ من روى عن النَّبيِّ * ممَّن صحبه أو لقيه فهو ثقة لم يتَّهمه أحد ممَّن يحسن علم الرواية فيما روى)).

الثاني: أنَّ القاذفَ بلفظ الشتم كأن يقول: (يا زان! أو يا عاهر!) تُردُّ شهادته وروايته اتفاقاً، إلاَّ أن يتوب ويصلح.

الثالث: أنَّ القاذفَ بلفظ الشهادة دون الشتم مختلف في ردِّ شهادته إذا لم يتب دون روايته، ومن العلماء من قال بقبول شهادته كروايته، ومنهم من قال بعدم إقامة الحدِّ عليه، والتفصيل الذي ذكره شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي الذي تقدَّم نقله تحرير بديع وتحقيق بالغ الأهمية.

سلامة ما في صحيح البخاري من الانتقاد مما دون الوضع

صحيح البخاري هو أصح الكتب المدونة في حديث رسول الله *، وهو مشتمل على حديث أبي بكرة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير