((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))، الذي قال فيه الشيخ محمد الأشقر: ((فينبغي أن يضم هذا الحديث إلى الأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي *))، ولم أسمع قبل هذا الكلام عن أحد من أهل العلم دعوى أن في صحيح البخاري شيئاً موضوعاً مكذوباً على رسول الله *، بل إن الجهابذة النّقّاد من العلماء غربلوا أحاديثه للوقوف على علة لبعض الأحاديث فيه، وكان كل ما اجتمع لهم من ذلك شيئاً يسيراً، ولم يُسَلَّم لهم ذلك الانتقاد إلاّ في شيء نادر، وقد ذكرت خلاصة ذلك في مقدمة كتابي (عشرون حديثاً من صحيح البخاري) المطبوع قبل خمسة وثلاثين عاماً أنقله هنا:
انتقاد بعض الحفاظ بعض الأحاديث في صحيح البخاري والجواب عن ذلك:
ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح أنَّ الدارقطني وغيره من الحفاظ انتقدوا على الصحيحين مائتين وعشرة أحاديث، اشتركا في اثنين وثلاثين حديثا وانفرد البخاري عن مسلم بثمانية وسبعين حديثاً وانفرد مسلم عن البخاري بمائة حديث، وقد عقد فصلاً خاصاً للكلام على الأحاديث المنتقدة في صحيح البخاري أورد فيه الأحاديث على ترتيب الصحيح وأجاب عن الانتقادات فيها تفصيلاً، وقد أجاب عنها في أول الفصل إجمالاً حيث قال: والجواب عنه على سبيل الإجمال أن نقول: لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل، ثم ذكر بعض ما يؤيد ذلك، ثم قال: فإذا عرف وتقرر أنَّهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له أو له علة إلاّ أنَّها غير مؤثرة عندهما فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضاً لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراض من حيث الجملة، وأما من حيث التفصيل فالأحاديث التي انتقدت عليهما تنقسم أقساماً:
الأول: ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد.
الثاني: ما تختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإسناد.
الثالث: ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عدداً أو أضبط ممن لم يذكرها.
الرابع: ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف من الرواة.
الخامس: ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله.
السادس: ما اختلف فيه بتعيين بعض ألفاظ المتن.
وفي ضمن ذكره لهذه الأقسام ذكر الجواب عن ذلك في الجملة وأشار إلى بعض الأحاديث المنتقدة التي فصل القول فيها بما يوضح الجواب الإجمالي، ثم قال: فهذه جملة أقسام ما انتقده الأئمة على الصحيح وقد حررتها وحققتها وقسمتها وفصلتها، لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلاّ النادر وقال في نهاية الفصل: هذا جميع ما تعقبه الحفاظ النقاد العارفون بعلل الأسانيد المطلعون على خفايا الطرق، إلى أن قال: فإذا تأمل المنصف ما حررته من ذلك عظم مقدار هذا المصنَّف في نفسه وجل تصنيفه في عينه، وعذر الأئمة من أهل العلم في تلقيه بالقبول والتسليم وتقديمهم له على كل مصنف في الحديث والقديم.
ذكر الأدلة على أنَّ المرأة ليست من أهل الولاية العامة ولا ما دونها من الولاية على الرجال
دلَّت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع العلماء على أنَّ المرأة ليست من أهل الولاية على الرجال، ومنها ما يلي:
الدليل الأول: قول الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: 109]، وقوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وقوله: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، ففي الآية الأولى: أنَّ رسل الله من الرجال لا من النساء، وفي ذلك تفضيل لهم عليهن، وفي الآية الثانية: بيان أنَّ القوامة إنما هي للرجال على النساء، لما فُضلوا به عليهن، وفي الآية الثالثة: تفضيل الرجال على النساء؛ لأنَّ لهم عليهن درجة، وهذا فيه دلالة على أنَّ الولاية العامة إنما تكون لمن جعل الله الرسالة فيهم، وهم الرجال ومن جعلهم الله قوامين على النساء، وجعل لهم عليهن درجة، وأنَّها لا تكون لمن لم يُرسل منهن أحد، ومن هن مَقُوم عليهن لا قوّامات، ومن هن دون الرجال درجة، وقد جاءت الشريعة بتفضيل الرجال على النساء في الميراث والشهادة والعتق والعقيقة والدية، حيث جُعلت المرأة على النصف من الرجل في هذه
¥