((وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة امرأة ... ))، وقال البغوي في شرح السنة (10/ 77): ((اتفقوا على أنَّ المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً؛ لأنَّ الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز))، وقال شيخنا الشيخ
محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (1/ 55): ((من شروط الإمام الأعظم كونه ذكراً، ولا خلاف في ذلك بين العلماء))، والقول بأنَّ المرأة لا تتولى القضاء ولا غيره من الولايات التي تكون فيها المرأة مرجعاً للرجال، هو الذي دلت عليه الأدلة التي تقدم ذكرها، من أنَّ المرأة تحتجب عن الرجال ولا تخالطهم، وكذا خُلُوّ تاريخ الإسلام من ذلك، كما ذكره صاحب المغني، وتقدم قريباً.
وكما أنَّ المرأة ليست أهلاً للولاية العامة، فهي أيضاً ليست أهلاً لأنَّ تولي غيرها، ولهذا لما بايع الصحابة} أبا بكر لم يُنقل أنَّه كان فيهم امرأة واحدة، لا في سقيفة بني ساعدة، ولا في المسجد بعد ذلك، بل الولاية يتولاها الرجال، والذين يُولونها غيرهم هم الرجال.
التعليق على جُمل من المقال
اشتمل مقال الشيخ محمد الأشقر على القدح في حديث أبي بكرة: ((لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة)) من جهة إسناده ومتنه، أمَّا قدحه في إسناده، فعلَّتُه عنده كونه من رواية أبي بكرة، وقد أسرف على نفسه، فنال من أبي بكرة ووصفه بالكذب والوضع، وعاب على البخاري وغيره إخراج حديثه؛ فقد جاء في مقاله قوله:
((وتصحيح البخاري وغيره لهذا الحديث وغيره من مرويات أبي بكرة هو أمر غريب لا ينبغي أن يُقبل بحال ... ))!! وقوله: (( ... وهذا منطبق على أبي بكرة؛ فإنَّ الآية تدمغه بالفسق والكذب، وهذا يقتضي رد ما رواه عن النبيِّ * مِمَّا انفرد به، كهذا الحديث العجيب (لن يفلح قوم تملكهم امرأة)، فينبغي أن يُضَمَّ هذا الحديث إلى الأحاديث الموضوعة المكذوبة على النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام)!!.
وهذا الكلام في أبي بكرة من أبطل الباطل وأقبح ما يكون من الكلام، ومن أعجب العجب أن يُقدح في إسناد حديث من أجل صحابيِّه الذي رواه عن رسول الله *، ولأوَّل مرة في حياتي أسمع القدح في حديث في صحيح البخاري من رجل من أهل السنة له اشتغال بالعلم الشرعي، من أجل الصحابي الذي رواه ووَصْفه بأسوأ صيغ الجرح، وهي: وضع الحديث والكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّها ـ والله! ـ لإحدى الكبر أن يأتي آت في القرن الخامس عشر فيتفوَّه في صحابي جليل بما لم يسبقه إليه بشر، وإنَّ ذلك لبهتان عظيم وإفك مبين!
وكان الأليق بقائل هذا الكلام أن يتَّهم رأيه ولا يتَّهم هذا الصحابي الجليل وأرضاه.
وأمَّا قدحه في متن الحديث، فقد قال: ((على أنَّا نقول جَدلاً: لو صحَّ هذا الحديث افتراضاً جدليًّا لكان حجةً فقط في منع أن تتولى المرأة الملك أو رئاسة الدولة، ولا يصلح حجة لمنع أن تتولى المرأة القضاء أو إمارة قرية أو مدينة ... مَن احتج بهذا الحديث على ذلك فهو مخطئٌ خطأ كبيراً بل إنني أعتبره يسيء الفهم جدًّا))!!
وقال: ((على أنَّ مما يدلُّ على بطلان هذا الحديث أنَّه يقتضي أنَّه لا يمكن أن يفلح قومٌ تتولى رئاسة دولتهم امرأة في حال من الأحوال، ومعنى هذا أنَّه لو وُجدت امرأة على رأس إحدى الدول ونجحت تلك الدولة في أمورها الدنيوية فيكون ذلك دالاًّ على أنَّ هذا الحديث كذبٌ مكذوب على النبي *، وقد وُجد في العصور الحديثة دولٌ كثيرة تولَّت رئاستها نساءٌ، ونجحت تلك الدول نجاحات باهرة تحت رئاسة النساء ... ))!!
والجواب عن الإيراد الأول أنَّ الحديث شامل لمنع المرأة من الولاية العامة والخاصة، وقد مرَّ عن الإمام النسائي الاستدلال به على منع المرأة من القضاء، حيث أورده في كتاب القضاء، في ((باب النهي عن استعمال النساء في الحكم))، واستدلَّ به أيضاً الشوكاني في السيل الجرار (4/ 273)، فقال: ((وليس بعد نفي الفلاح شيء من الوعيد الشديد، ورأس الأمور هو القضاء بحكم الله عزَّ وجلَّ، فدخوله فيها دخولاً أوَّليًّا))، وكذا ما تقدَّم من احتجاب النساء ومنع اختلاطهنَّ بالرجال، وأنَّ المرأة لا تسافر إلاَّ مع ذي محرم، ولا يخلو بها رجل إلاَّ مع ذي محرم، فإنَّ الحكم في ذلك يشمل الولاية العامة والخاصة،
¥