تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأيضاً ما تقدَّم نقله عن صاحب المغني من عدم وجود الولايات الخاصة للنساء في زمنه * وزمن الخلفاء الراشدين وما بعد ذلك إلى زمنه في القرن السابع.

والجواب عن الإيراد الثاني أنَّه لو تسلَّطت امرأة على الرجال أو سلَّطوها على أنفسهم ـ وهو غير جائز لهم شرعاً ـ وحصل لها نجاح في سياستها إن سُلِّم ذلك النجاح، فإنَّ ذلك من الأمور النادرة، والنادر لا حكم له، وإنَّما الحكم للغالب، وعلى هذا فالواجب اتهام العقول واحترام النقول وتعظيمها، ومثل هذا العموم في الحديث العموم في قول الله عزَّ وجلَّ: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (18) سورة الزخرف فإنَّ المراد به الغالب، قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان عند تفسير هذه الآية {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} (18) سورة الزخرف (7/ 218): ((لأنَّ الأنثى غالباً لا تقدر على القيام بحجَّتها، ولا الدفاع عن نفسها)).

ومثل هذا العموم أيضاً حديث أنس في صحيح البخاري (7068): ((لا يأتي عليكم زمان إلاَّ والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربَّكم))، قال الحافظ ابن حجر في شرحه في الفتح (13/ 21): ((وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب) وقال أيضاً: ((واستدلَّ ابن حبان في صحيحه بأنَّ حديث أنس ليس على عمومه بالأحاديث الواردة في المهدي، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً بعد أن مُلئت جوراً)).

والواجب فهم النصوص وفقاً لما فهمه السلف، لا أن تُفهم النصوص فهوماً خاطئة ثم يُقدح فيها بناءً على ذلك.

وأمَّا ما ذكره من أنَّ نفي الفلاح في الحديث إنَّما هو في الأمور الدنيوية، فجوابه أنَّ الحديث شامل لنفي الفلاح الدنيوي والأخروي، أمَّا الدنيوي فواضح، وأمَّا الأخروي فلأنَّ الكفَّار ـ في أصحِّ قولي العلماء ـ مخاطَبون بفروع الشريعة؛ وفائدة ذلك أنَّهم يُؤاخذون على ترك الأصول والفروع، ولهذا فإنَّ من كفر وصدَّ عن سبيل الله أعظم جرماً وعذاباً مِمَّن كفر ولم يصدَّ عن سبيل الله، والكفار في النار دركات، بعضهم أسفل من بعض، كما أنَّ أهل الجنَّة

فيها درجات بعضهم فوق بعض، قال الله عزَّ وجلَّ: {الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ} (88) سورة النحل

ومن أوضح ما يتبيَّن به نفي الفلاح الأخروي في ولاية المرأة أنَّها لا يمكنها الإلزام بتنفيذ أحكام الشرع المتعلقة بالنساء من القرار في البيوت وترك التبرج ومنع الاختلاط بالرِّجال والخلوة بالنساء وسفرهنَّ بدون محرم وغير ذلك؛ لأنَّ فاقد الشيء لا يُعطيه.

وأمَّا استشهاده بقصَّة المرأة التي ملكت اليمن، وجاءت قصتها في سورة النمل، فالجواب أنَّه لا يُستدل بها على ولاية المرأة على الرجال؛ لأنَّه حكاية عمَّن كان قبلنا، وليس فيه ذكر أنَّها شريعة من الشرائع، بل كانت وقومها كفَّاراً يسجدون للشمس، ومع ذلك فقد جاء في شريعتنا ما يدلُّ على خلاف ذلك، ومنها الأدلة الثمانية التي أوردتها، وقد نقل ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} (33) سورة النمل قول الحسن البصري ~ ذامًّا الذين فوَّضوا الأمر إليها: ((فوَّضوا أمرهم إلى علجة تضطرب ثدياها)).

وقول الشيخ محمد الأشقر في معرض ثنائه على نجاحها: ((حيث استطاعت تجنيب قومها وبلادها من إفساد الجيوش الغازية وإذلالهم لقومها))، لا يصح هذا الإطلاق في كلامه، بل يتعيَّن تقييده بما يفيد أنَّ إفساد تلك الجيوش إنَّما كان في ظنِّها في أوَّل الأمر؛ لأنَّه لا يسوغ أن توصف جيوش سليمان # بالإفساد.

وقد زعم في مقاله أنَّ في مشاركة المرأة في المجالس النيابية خيراً كثيراً، وأوصى بوضع الضوابط لهذه المشاركة!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير