تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لِتَشْقَى (2) فجمع له بين إنزال القرآن عليه ونفى الشقاء عنه، كما قال في آخرها في حق اتباعه: فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) فالهدى والفضل والنعمة والرحمة متلازمات لا ينفك بعضها عن بعض، كما أن الضلال والشقاء متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر قال تعالى إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ القمر (47) والسعر جمع سعير وهو العذاب الذي هو غاية الشقاء" ... إلى أن قال ابن القيم: "ومن هذا انه سبحانه يجمع بين الهدى وانشراح الصدر والحياة الطيبة، وبين الضلال وضيق الصدر والمعيشة والضنك، قال تعالى فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا الأنعام 125 وقال: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ الزمر 22 (1) ".

وهنا يمكن أن أقول أن هذا الأثر يُعَد واحدًا من الآثار والعقوبات القدرية المترتبة على المعاصي، كما أنه توجَد أيضا عقوبات شرعية على المعاصي (2).

وأيضا هذا الأثر لا يقتصر فقط على العاصي نفسه، بل يتعدى الأثر ليُصيب غيرَ العاصي من المخلوقات حوله (الجمادات والأحياء) بل ربما أصاب بعض أهل الصلاح والتقوى، لا لذنب اقترفوه ولكن لكونهم يعيشون مع أهل المعاصي في دنيا واحدة، ولأنهم لم يغضبوا لرؤية المعاصي والمنكرات ولم يسعوا إلى نصح أهلها ودعوتهم إلى التوبة منها، (وهل في الدنيا والأخرة شرور وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي)! (3)

بل والأعجب من ذلك: أنه إذا جاء اليوم الذي تخلوا فيه الأرض ممن يوحِّد الله حق التوحيد كان ايذانًا بحدوث خلل وانقلاب في أصل ومركز الكرة الأرضية (وهو الكعبة) بأن تُهدم حجر حجر ثم ينقلب هذا العالم الكبير ويختل توازنه ويفنى كما جاء في صحيح البخاري (1591) ومسلم (2909) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة" وهذا إنما يكون عند انقضاء الزمن وإقبال الساعة وخراب الدنيا حين لا يبقى في الأرض من يقول الله الله كما جاء في صحيح مسلم ((148) من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلملا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله،. بل ان هذا الانقلاب والاختلال (لايقتصر على الأرض، إنما يشمل النجوم والكواكب والأفلاك.

ولا بأس من استعراض مظاهر هذا الانقلاب كما جاءت في سور متعددة. (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ. وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ. . . وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ). . (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ.وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ. وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ.). . (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ. وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ). . (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا. وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا. فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا. (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ. وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً. فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ. وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ). . (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ. وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ). . (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا. وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا). . (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ. وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ). . (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ). . (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا). . (السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ). . (إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ). . (بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ). . (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ. وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ. وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ). . (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير