تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عنا. لتركيا دور كبير ومهم، وقد كان في الماضي ضد العرب وضد المصالح التركية، وهي ما زالت تبلور توجهاتها نحو مستقبل مختلف عما أرادت له قيادات حزبية سابقة، وعلى العرب ألا يستنفذوا آمالهم بالتمنيات فيخسرون.

صعوبات أمام الحكومة التركية

تحاول الحكومة التركية القائمة حاليا بقيادة حزب العدالة والتنمية أن تشق طريقا جديدا يتسم بالهدوء والتروي، وأيضا بالكثير من العلمية والمهنية. إنها حكومة تفكر مرارا قبل أن تفعل، وتدرس كثيرا قبل أن تتخذ القرار، وهي تدرك تماما أن هناك عقبات ومعوقات داخلية وخارجية تعترض طريقها وعليها أن تحسب حسابها. قضية فلسطين، وقضية غزة ليستا القضيتين الوحيدتين المطروحتين على جدول أعمالها، وهناك الكثير من العمل أمامها. وهنا أوضح أهم هذه العقبات:

على المستوى الداخلي

هناك عدد من المعوقات على المستوى الداخلي أذكر منها:

أولا: هناك من يتربص بالحكومة التركية القائمة حاليا ويعمل على إسقاطها بطريقة أو بأخرى بخاصة من العلمانيين الأتراك الذين يشعرون بأنهم فقدوا العرش الذي تربعوا عليه منذ عهد أتاتورك. الأحزاب القومية واليسارية التركية تعمل دائما على البحث عن هفوات للحكومة أو لرئيس الوزراء أو الوزراء من أجل أن تثبت للأتراك بخاصة مؤسسة القضاء أن الحكومية إسلامية وتخالف بذلك الدستور ما يستدعي الحكم عليها بعدم الشرعية وحظر حزب العدالة والتنمية. العلمانيون لا ينفكون عن منازعة الحكومة في مختلف سياساتها، وهم يعملون دائما على تشويه صورتها والقول إنها حكومة تعمل على القضاء على الأتاتوركية والتخلص من العلمانية وإقامة دولة إسلامية.

هؤلاء أنفسهم هم أصدقاء إسرائيل، وهم الذي جعلوا من تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل، وأعداد منهم معروفة بانحدارها من يهود الدونما الذين دخلوا الدولة العثمانية وانتشروا في الأناضول والشام. هؤلاء هم الذين أقاموا العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسة مع إسرائيل، وكانوا دائما سندا لها في تنكيلها بالفلسطينيين والعرب عموما. يجد العلمانيون أنفسهم الآن في محنة أسطول الحرية مقيدين لأنهم لا يستطيعون تأييد إسرائيل التي مست بالاعتزاز القومي التركي، وقتلت مدنيين أتراكا، ووجدوا أن أصدقاءهم الإسرائيليين قد ورطوهم في مواقف ضد إسرائيل قد تبدو أحيانا أكثر تشددا من مواقف حزب العدالة والتنمية. لكن هذا لا يعني أن العملانيين سيغيرون ما هم فيه وعليه.

ثانيا: تواجه تركيا مشكلة الأكراد الذين يقومون بأعمال مسلحة من أجل تحقيق مطالبهم القومية. في تركيا حوالي 13 مليون كردي، وهم حوالي نصف عدد الأكراد في المنطقة الكردية، وهم يحملون السلاح، ويجدون من يؤيدهم ويقدم لهم الدعم. ومن المعروف أن "إسرائيل" تقيم علاقات طيبة مع الأكراد خاصة في العراق، وتمتد هذه العلاقات إلى تركيا التي كانت تعتبر صديقة "لإسرائيل". لم تحرض "إسرائيل" أكراد تركيا في السابق، لكنها جاهزة الآن لإثارة المتاعب لتركيا، وهناك من يشك أن الصاروخ الذي ضرب القاعدة البحرية التركية في الاسكندرونة كان بتدبير أو تآمر "إسرائيلي".

تركيا تعاني من اختراقات أمنية "إسرائيلية" وأمريكية وأوروبية، وإذا أرادت هذه الدول أن تصنع لتركيا المتاعب فإنها قادرة على ذلك. عبر ما يقرب من تسعين عاما وأهل الغرب يعبثون بتركيا ولهم فيها الأصدقاء والعملاء والجواسيس والمؤيدون، وهم منتشرون في كل ركن وزاوية من البلاد، وبإمكانهم دعم الأكراد بالمال والسلاح والتدريب والتنظيم.

ثالثا: تعاني الحكومة التركية القائمة حاليا من انحياز القضاء التركي وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية لصالح خصومها الداخليين، وهي كمن يسير على حد السيف حتى لا تستثير القضاء فيعمل على إخراجها عن الشرعية الدستورية، وألا تستثير الجيش والمخابرات حتى لا تُحاك ضدها مؤامرات الانقلاب. دأبت الحكومات السابقة على تشكيل أجهزة القضاء والجيش والأمن بطريقة تتناسب مع متطلبات العلمانية، وتناهض ما سواها من تيارات فكرية بخاصة التيار الديني، وقد ترسخت الفئوية في هذه الأجهزة بطريقة بعيدة عن الديمقراطية والمهنية. تدرك الحكومة هذا الوضع، ما دعاها إلى تبني عملية التغيير التدريجي والبطيء. حكومة أردوغان تسير في كثير من الأحيان في حقول ألغام، والحذر ضروري من جهتها، كما أن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير