عبدالعزيز القرشي: لأننا اشترطنا في القصيدة ألا تزيد أبياتها عن خمسة عشر بيتاً، والمغامر كتب قصيدة في عشرين بيتاً، ولكن لجنة التحكيم لجمال القصيدة لم تنتبه لذلك، وأدخلتها ضمن القصائد الأربع المختارة الفائزة.
عبدالرحمن الشهري: وماذا ستفعلون إذن؟ قلتُ هذا وأنا متوجس في نفسي، ماذا سيصنعون بالمغامر الآن.
عبدالعزيز القرشي: نحن في لجنة التحكيم أحببنا استشارتك الآن، ونحن نقترح أن نعتذر للمغامر ونستبعد قصيدته من المسابقة لمخالفتها لشرط المسابقة، وتقديراً لشاعرية المغامر ولجمهوره نعرض قصيدته في البرنامج ونقرأها أمام المشاهدين! فما رأيك.
فخشيتُ إن أنا تحمستُ لإبقاء القصيدة أن يشك في أنني أعرف هذا الشاعر المغامر. فقلتُ: رأيكم فيه البركة والخير إن شاء الله، وما دام خالف الشرط فاستبعاده من العدل، ولكن ألا ترى أخي الكريم أن الوقوف عند مثل هذا الأمر يضعف المسابقة فزيادة عدد قليل من الأبيات أو نقصها لا يؤثر في الأمر، والعبرة بجودة القصيدة.
فقال: صدقت ولكن الشعراء الآخرين اعترضوا وحملوا حملة شعواء علينا في المنتدى، فدعنا نكن حازمين في قرارنا ويقضي الله ما يشاء.
فلمَّا وضعتُ سَمَّاعة الهاتف ضحكتُ بصوتٍ سمعته زوجتي وكانت قريبة مني، فقالت: ماذا أصابك؟ ومن هذا الذي كان معك على الهاتف؟
فقلتُ: هذا موقفٌ طريفٌ كنتُ أريد أن ترينه في الحلقة الليلة في برنامج (ربيع القوافي) على قناة (دليل)، ولكن للأسف تَمَّ إيقافي من البرنامج، ورفضوا مشاركتي! وحدثتها بالخبر من أوله.
فضحكت وقالت: يكفيك أنه وقع اختيار لجنة التحكيم على قصيدتك وهم لا يعلمون من أنت، وهذا دليل على أنَّ ما تقوله من الشعر قد يستحسنه بعض الأدباء والنُّقاد، فشجعتني بذلك جزاها الله خيراً كعادتها معي في كل أعمالي.
وأخذتُ بعد المكالمة أتأمل مرة أخرى في القصائد التي اختيرت وهي ثلاث قصائد، وأتأمل في معانيها وأراجع كتب اللغة لتوثيق النقد والملحوظات عليها.
وذهبتُ في المساء إلى القناة للمشاركة في الحلقة، فوجدتُ المذيع أخي عبدالعزيز يحمل في يديه القصائد، وإذا به يحدثني بالمنافسة المَحمومة في هذه الحلقة، وأنها ستكون أسخن الحلقات، وأخذ يقرأ قصيدة المغامر بحماس ويبدي إعجابه بها، وأنا أعجب من إعجابه، وأبادله الحماس بمثله.
فقال: لعلك تختار قصيدتين من الأربع تقرؤها أنت للمشاهدين، وأنا قصيدتين.
فقلتُ: سأقرأ قصيدة المغامر وقصيدة أخرى.
فقال: إلا قصيدة المغامر، فلن يقرؤها إلا أنا!
فقلتُ: قد تكون قراءتي لها أجمل، وتفاعلي مع الشاعر أكثر!
فأبى وأصرَّ على أن لا يقرأ القصيدة إلا هو مع القصيدة الأصلية في الحلقة فيما أذكر.
وقرأها قراءة جيدة، وتفاعل معها تفاعلاً أعجبني وأطربني، وأخذ يعتذرُ للشاعرِ المغامرِ وينظر إلى الشاشة.
فقلتُ له أثناء الفاصل: لماذا تنظر للشاشة وأنت تعتذر له، لماذا لا تنظر إليَّ وأنا ضيفك في الحلقة؟
فقال: حتى يشعر وهو يشاهدني في الشاشة أنني أقصده بالكلام، ولم يفهم قصدي، ولم أشأ أن أزيد على ذلك.
ويُمكنُ مشاهدة الحلقة كاملةً في هذا الموضوع في ملتقى أهل التفسير:
الدكتور عبد الرحمن الشهري في برنامج ربيع القوافي علي قناة دليل ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19647)
والقصيدة التي كتبتها، وأردتُ إشراككم معي في تلك القصة الطريفة قبل أن يتقادم عهدها، وأنسى تفاصيلها، هي هذه:
وقفَ المُحبُّ على الطلولِ طويلا = والقلبُ أَصدقُ ما تَراهُ عَليلا
يا وقفةَ الحُبِّ التي ما أَنْصَفَتْ = تَرَكَتْ عَزيزَ العاشقين ذليلا
وارحمتا للعاشقينَ وشَوقِهِمْ! = ماذا عسى شِعري أَتى لِيقولا؟!
تَخِذوا الوُقوفَ على الطُلولِ تحيَّةً = ورأَوا جِبالَ العاذِلينَ سُهُولا
واستَعْذَبُوا غُصَصَ الفِراقِ وأنفقوا = زَهْرَ الحياةِ تغرُّبَاً ورحيلاً
ما راعنِي إِلا المشيبُ وقولُهُ: = قَرُبَ الرَّحيلُ فأقصرِ التأميلا
يا أَطيبَ الأصحابِ طابَ رَبيعُكُم = ولَقِيتُ ظِلَّ الشِّعرِ فيهِ ظَلِيلاً
ورأَيْتُ للشِّعراءِ حَولي مَرْبِداً = تَخِذوا دَليلَ منارةً ودَليلا
للهِ دَرُّهم ودَرُّ (قَناتِهِمْ) (2) = أَلِفُوا الجميلَ وأَشعَلُوا القِندِيلا
وتَسابَقوا في المَكرُماتِ وأَرسلُوا = للباحثينَ عَن الجَمالِ رَسُولا
¥