تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد أشار القرآن العظيم لأعظم حِكَم إبداع المخلوقات في مثل قوله تعالى: ???????? [الأنعام: 73]، بيَّنها الإمامُ الطبري بقوله: «حُجَّةً على خَلْقِه، ليعرِفُوا بها صانِعَها، وليستدلُّوا بها على عظيم قدرته وسلطانه، فيُخلِصوا له العبادة ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn3)).

وقد وبّخ اللهُ عز وجل الذين يعطِّلون عقولَهم عن التفكر في المخلوقات، وإن تفكروا فلا يعثرون على وجه دلالتها على وجوب وجود صانعها عز وجل واستحقاقه العبادة دون ما سواه، وذلك في مثل قوله عز وجل: ?ھ ھ ھ ھ ے ے? [الأعراف: 185]، قال الإمام الطبري: «أولم ينظر هؤلاء المكذبون بآيات الله في مُلك اللَّهِ وسلطانه في السموات وفي الأرض وفيما خلَق _ جل ثناؤه _ من شيء فيهما، فيتدبّروا ذلك، ويعتبروا به، ويعلموا أنّ ذلك لمن لا نظير له ولا شبيه، ومِنْ فِعْلِ من لا ينبغي أن تكون العبادة والدين الخالص إلا له، فيؤمنوا به، ويصدّقوا رسوله، ويُنِيبُوا إلى طاعته، ويخلعوا الأنداد والأوثان» ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn4)).

وقد أشار الإمام القرطبي إلى ما رمز إليه الإمام الطبري من وجه دلالة السموات والأرض على صانعها الحكيم عز وجل بقوله: «أولم ينظروا في ذلك نظر تفكُّرٍ وتدبُّرٍ حتى يستدلوا بكونها محَلًّا للحوادِثِ والتغيّرات على أنها محدَثاتٌ، وأنّ المحدَث لا يستغني عن صانِعٍ يصنَعُه، وأَنّ ذلك الصانع حكيمٌ عالِمٌ قديرٌ مريدٌ سميعٌ بصيرٌ متكلِّمٌ» ([5] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn5)).

ولهذا الوجه الذي مِنْهُ تدل المخلوقات على معرفة المنفرد بخلقها عز وجل وتساويها في الدلالة عليه يشير الإمام الطبري بقوله: «الأدلة على وحدانية الله _ جل جلاله _ وأسمائه وصفاته وعدله كلها مؤتَلِفَةٌ غيرُ مختلفَةٍ، ليس منها شيء إلا وهو في ذلك دالٌّ على مثل الذي دلَّت عليه الأشياء كلُّها؛ ألا ترى أنّ السماء ليست بأبين في الدلالة من الأرض، ولا الأرض من الجبال، ولا الجبال من البهائم، ولا شيء من المحسوسات _ وإن كبر وعظم _ بأدلّ على ذلك من شيء فيها وإن صغر ولطف» ([6] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn6))، ويلخّص جميع ذلك قول الشاعر:

وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ

تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ

وقد صحّ قول النبي ? عند نزول قوله تعالى: ? ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ ? [آل عمران: 190]: «وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا ([7] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn7))» وفيه وعيدٌ شديدٌ لمن قرأ الآيات التي تضمَّنت دلائل معرفة الله عز وجل ولم يتفكر في شيء منها، ولم يعثر على وجه الدلالة فيها ولو إجمالا، وتلك الآياتُ هي العلاماتُ الدالة على وجوب وجود الله تعالى وصفات كماله، وهي حدوث السموات بما فيها من عجائب الفطرة ودقائق الحكمة التي يتحيَّر الواقف عليها قائلا: ?? ? ? ? ?? [آل عمران: 191]، وحدوث الأرضِ بما فيها من عجائب الفطرة وظهور آثار الرحمة من إحيائها بتفجير العيون وإخراج أنواع الحبوب المأكولة والأزهار الملونة والنباتات المختلفة والجنات المُلتفَّة وغيرها؛ إذ يَتوَصلُ العاقل بصحيح النظر في كل فرد من ذلك إلى إثبات العلم بوجوب وجود الله تعالى وصفاته من الحياة والعلم والقدرة والإرادة وغيرها كما هو مبسوط في هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ وغيره من كتب المعرفة الإلهية.

وقد امتثل العلماء ~ لأوامر الله تعالى بالنظر العقلي السديد في المخلوقات، واجتنبوا نواهيه من ترك أهم الواجبات الشرعية الموصلة إلى أعظم المعارف الإنسانية، ولذا نجد إمام المفسرين ابن جرير الطبري يقول في تفسير قوله تعالى: ژ ژژڑڑکککک گگگگ? ? ?? ????ںں?ژ [آل عمران: 190 – 191] «يعني بذلك أنهم يعتبرون بصنعة صانِعِ ذلك، فيعلمون أنه لا يَصْنَعُ ذلك إلا مَنْ ليس كمثله شيء، ومَنْ هو مالكُ كلِّ شيء ورازقه، وخالقُ كل شيء ومدبِّره، ومن هو على كل شيء قدير، وبيده الإغناء والإفقار، والإعزاز والإذلال، والإحياء والإماتة، والشقاء والسعادة ([8] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn8))».

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير