ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Jul 2010, 04:29 ص]ـ
إذا أبدع الفقيه في الشعر فهو أديب وهذا نادر
والحكم للغالب فالفقهاء عادة يغلب عليهم الطابع الفقهي الجاف فلا تجد للندى أثرا في أشعارهم
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[06 Jul 2010, 06:28 ص]ـ
من غزل الفقهاء
كتيب لطيف للشيخ الأديب علي الطنطاوي بل الله ثراه وجعل الجنة مثواه
وهو موجود على هذا الرابط موقع صيد الفوائد:
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=8&book=3677
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jul 2010, 07:46 ص]ـ
بارك الله فيك.
هذا موضوع طريفٌ، والمقصود بوصف شعرٍ ما بأَنَّه من شعر العلماء أنَّه يظهر عليه أثرُ العلم الذي اشتغل به قائله فيقلِّل من جمَاله أحياناً، فلا يزال يدور حول مصطلحات هذا العلم في شعره الذي يقوله. وهي عبارة في نظري غير دقيقةٍ، وهي لا تُقال إلا في الشعر المتواضع فنياً من شعر بعض العلماء دون سائرِ شعره هو أو سائر شعر غيره من العلماء، ولذلك فالأمثلة التي مثَّل بها عبدالله كنون وغيره لا تصلح كلها - في رأيي المتواضع - أمثلة على ما يعنيه أهل التراجم بشعر العلماء.
ولذلك فقصيدة عروة بن أذينة (إِنَّ التي زعمت فؤادك ملَّها) وأمثالها من روائع الشعر حقاً، ولا يصدق عليها وصفُ (شعر العلماء) لِمُجرَّد أن عروة يُعَدُّ من الفقهاء، فهو من الفقهاء الأدباء المبدعين، فلو قالها الفرزدق أو جرير لكانت من عيون شعرهم.
وأما الشافعي رحمه الله فمع حبي الشديد له ولعلمه وذكائه وعبقريته، إلا أنَّ شاعريته لا ترقى به إلا مصاف الشعراء المُحترفين كلبيد أو المتنبي أو أبي تَمَّام مثلاً أو مَن هُو دُونَهم. والشعرُ لا يزري بالعلماء إلا إذا كان للتكسب وامتهان بعض أنواعه كالمديح الكاذب، والهجاء ونحوه، وأما سائره فهو من علامات الفطنة والذكاء، وامتلاك ناصية البيان التي هي من أدوات العالم الحقيقي.
ومن الأمثلة التي تصلح لموضوعنا هنا ما جاء في شعر أبي حيان الغرناطي رحمه الله صاحب البحر المحيط مع امتلاكه لأدوات الإبداع في الشعر من حيث اللغة والنحو، إلا أن شعره تفاوت من حيث القيمة الأدبية، فله مقطعات لا بأس بها جعلت ابن الجزري يقول في ترجمته: (ونظمه في غاية الحسن مع الدين والخير والثقة والأمانة). في حين قال فيه ابن تغري بردي: (ومذهبي في أبي حيان أنه عالم لا شاعر ولم أذكر هذه الموشحة هنا لحسنها بل قصدت التعريف بنظمه بذكر هذه الموشحة لأنه أفحل شعراء المغاربة في هذا الشأن)، وهذه غريبة من ابن تغري بردي، فقد أصاب في أول كلامه، ونقضه بآخره، فليس أبو حيان أفحل شعراء المغاربة في الموشحات، وإلا فأين ابن سهل، وابن الخطيب وأضرابهم من عمالقة التوشيح في العربية وهم من أهل الأندلس، لكن نَمشِّيها لابن تغري بردي. وأعدل منه قول السبكي وهو الأديب المتذوق: (وموشحاته أجود من شعره)، فشعر أبي حيان
يصدق عليه أنه من شعر العلماء لضعفه الفني، غير أن موشحاته أحسن حالاً من قصائده. وأعجبني قول ابن الوردي في أبي حيان: (له نظمٌ ليس على قدر فضيلته)، فكأن المأمول منه لامتلاك الأدوات أحسن من هذا، ولكنها الموهبة التي من حُرِمَها فلو حفظ دواوين الشعر كلها لم يجئ شعره إلا بارداً متكلفاً، ومن أعطيها هدي إلى أبكار المعاني، ورشيق التصاوير، وكان حفظه للشعر ودرسه للأدب زاداً للإبداع والتمكن فيه، وهذا حديث ذو شجون.
والخلاصة أن الفقيه الأديب يُباري الشعراء ويُعَدُّ منهم إذا كان مُبدعاً، وقد يقول القصيدة أو القصيدتين التي تقعد به مع كبار الشعراء المتفرغين للشعر، وإذا لم يكن إلا مجرد ناظمٍ كابن الجزري رحمه الله وأضرابه فأسأل الله أن يتقبل منه وأن يكتب أجره! ولو شئت لتحدثت عن الشاطبية في القراءات، وما يدَّعيهِ بعض من حققها من أَنَّها من عيون الشعر العربي ولكن ..
وإني أجد نفسي راغبةً في الإطالة في هذا الباب لطرافته وكثرة شجونه ولكن حسبي بهذا الآن.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[11 Jul 2010, 11:57 ص]ـ
قال صديق خان بسنده في أبجد العلوم 1/ 305:
أخبرني صاحبنا، الفاضل: أبو القاسم بن رضوان، كاتب العلامة بالدولة المرينية، قال:
ذاكرت يوما صاحبنا: أبا العباس بن شعيب، كاتب السلطان: أبي الحسن، وكان المقدم في البصر باللسان لعهده، فأنشدته مطلع قصيدة ابن النحوي، ولم أنسبها له، وهو هذا:
لم أدر حين وقفتُ بالأطلال= ما الفرقُ بين جديدها والبالي؟
فقال لي على البديهة: هذا شعر فقيه،
فقلت له: من أين لك ذلك؟
قال: من قوله: (ما الفرقُ)، إذ هي من عبارات الفقهاء، وليست من أساليب كلام العرب،
فقلت له: لله أبوك! إنه: ابن النحوي.
وابن النحوي: هو يوسف بن محمد بن يوسف التوزري (التونسي) التلمساني أو أبو الفضل (433 - 513هـ)، من أشهر شعره القصيدة المنفرجة، التي شرحها وخمّسها كثيرون، ومطلعها:
اشتدي أزمة تنفرجي= قد آذن ليليك بالبلج ..
ومن شعره:
لبست ثوب الرّجا والناس قد رقدوا ...... وقمت أشكو إلى مولاي ما أجدُ
وقلت يا سيدي يا منتهى أملي ...... يا من عليه بكشف الضّرّ أعتمدُ
أشكو اليك أموراً أنت تعلمها ...... مالي على حملها صبرٌ ولا جلَدُ
وقد مددتُ يدي للضّرّ مشتكيا ...... إليك يا خير من مُدّت إليه يدُ
وهذا المعنى ظاهر غير خفي في النقد الأدبي منذ القرن الثالث والرابع، فقالوا في أبي بكر ابن دريد (223 - 321هـ) صاحب الجمهرة (نزهة الألبا 257):
"ابن دريد أشعر العلماء, وأعلم الشعراء"
وهو صاحب المقصورة المشهورة الرائعة التي مطلعها:
يا ظبيةً أشبه شيء بالمها=ترعى الخُزامي بين أشجار النقا.
وقال جحظة البرمكي في رثاء ابن دريد مشيداً بمنزلته من الأدب:
فقدتُ بابن دريد كلّ فائدةٍ=لما غدا ثالثَ الأحجار والتربِ
وكنت أبكي لفقد الجود منفرداً=فصرت أبكي لفقد الجود والأدب.
ودخل هذا المعنى شعر الفخر!، وعده الشاعر من مآثره، قال ناصح الدين الأرّجاني (-544هـ) كما في معاهد التنصيص 2/ 5:
أنا أفقه الشعراء غيرَ مدافع=في العصر، لا، بل أشعر الفقهاءِ.
قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء 20/ 221:
"الإمام الأوحد، شاعر زمانه، قاضي تستر أبوبكر، أحمد ... الأرجاني .... ".
¥