لاحظ المختصون في العقد الأخير وجود فروق في تشريح العين بين الجنسين، فالشبكية وهي الجزء المعني من العين بتحويل الضوء إلى إشارات عصبية، مقسمة إلى طبقات، طبقة تحتوي على مستقبلات الصور ( photoreceptors)؛ نبابيت ( rods) و مخاريط ( cones). النبابيت حساسة للأسود والأبيض، ولا ترى الألوان، والمخاريط حساسة للألوان. ترسل النبابيت والمخاريط إشاراتهما للطبقة التالية؛ طبقة الخلايا العقدية ( ganglion cells). المختصون يعلمون منذ عقود أن هذه الخلايا بعضها كبير ( Magnocellular)، والآخر صغير ( Parvocellular)، وأغلب الدراسات التي تتناول هذا الموضوع تشير إليهما بالرمزين M, P. وظائف كل من M و P مختلفة تمام الاختلاف؛ فالخلايا M وهي الجزء الذي يتعرف على الحركة، متصلة بصورة أساسية بالنبابيت، وتأتيها بعض البيانات من المخاريط، ونظراً لكونها منتشرة في كل الشبكية فإن بإمكانك أن ترى أي جسيم في كل المجال البصري. اعتبر أن الخلايا M مسئولة عن الإجابة على السؤال: أين هو الآن، وإلى أين سيذهب؟
أما الخلايا P في الجنس البشري فمرتبطة بأنواع المخاريط الثلاثة، الخلايا P تتركز في مركز المجال البصري؛ الحفرة ( fovea) وما حولها، وهذه الخلايا تترجم المعلومات المتعلقة باللون والملمس، لذا يمكن اعتبارها مسئولة عن الإجابة على السؤال: ما هو؟
ترسل خلايا P معلوماتها عن طريق القسم الخاص بها من السرير البصري ( thalamus) إلى منطقة محددة من قشرة الدماغ ( cerebral cortex) متخصصة في تحليل اللون والملمس، بينما ترسل الخلايا M معلوماتها من خلال ممر منفصل لمنطقة أخرى من قشرة الدماغ متخصصة في تحليل العلاقات الفضائية ( spatial relationship) وحركة الجسم. وجد الباحثون أن كل حركة إشارة في جميع ممرات الشبكية إلى قشرة الدماغ تختلف لدى كل من الذكور والإناث، فالشبكية البشرية ممتلئة بمستقبلات هرمونات جنسية. ووجد أخصائي التشريح إدوين لفارت ( Edwin Lephart) وزملاؤه أن شبكية الذكور أسمك من شبكية الإناث، وذلك لأن شبكيات الذكور فيها عدد أكبر من الخلايا M السميكة، بخلاف الإناث اللاتي تسود عندهن الخلايا العقدية P قليلة السمك مقارنة بالأولى. لقد وجد الباحثون تبايناً بين أفراد الجنس الواحد، لكنه محدود، بينما كان التباين بين أفراد الجنسين المختلفين كبيراً، وذلك ما وجد في الحيوانات أيضاً.
خلايا P خلايا M
مرتبطة بصورة واضحة بـ المخاريط النبابيت
متواجدة بكثرة في وسط الشبكية (مركز الحقل البصري) في كل الشبكية (كل الحقل البصري؛ الأطراف والوسط)
مهيأة لمعرفة اللون والملمس المكان، الاتجاه، والسرعة
تجيب عن السؤال ما هو؟ أين هو الآن؟ أين سيذهب؟ ما مدى سرعته؟
إسقاطها النهائي في القشرة الصدغية السفلى (للدماغ)
Inferior temporal cortex القشرة الجدارية الخلفية (للدماغ).
Posterior parietal cortex
المسيطرة عند الإناث ( P أكثر من M) الذكور ( M أكثر من P)
ومن التطبيقات تبين أثر الفروق في تشريح العين على الجنسين من الناحية التعليمية ما يلي:
لو أعطيت عدداً من الصغار أوراقاً بيضاء، وأقلام تلوين، وطلبت منهم أن يرسموا ما يشاءون، ستلاحظ أن البنات يستعملن ألواناً مثل الأحمر، البرتقالي، الأخضر، البيج (لون الصوف الطبيعي)، لأنها هي الألوان التي هيئت الخلايا P لتكون حساسة لها، أما الأولاد فسيرسمون أشكالاً لأشياء متحركة، وسيستعملون ألواناً مثل الأسود، الرمادي، الفضي، الأزرق، لأنها هي الألوان الأكثر ارتباطاً بالخلايا M .
وقد درس بعض المختصين في العقدين الماضيين لوحات الأطفال، فوجدوا أن البنات يملن لرسم الوجوه (بشر أو حيوانات)، والأزهار والأشجار، ويكون رسمهن متناظر الشقين إلى حد كبير، يواجه الناظر (كأنها تنظر لما يقابلها في الطبيعة)، كما يستعملن عشرة ألوان أو أكثر في اللوحة الواحدة، من الألوان التي سماها الباحث ياسومازا آري ( Yasumasa Arai) الألوان الدافئة؛ الأحمر، الأخضر، البيج، البني. أما الأولاد فيرسمون أشكالاً لأشياء متحركة؛ صاروخ يصيب هدفاً، غرباء يهمون بأكل شخصٍ ما، عربة تصطدم بأخرى ... ويستعملون ستة ألوان كحد أقصى، من التي سماها ياسومازا: ألواناً باردة؛ الأزرق، الرمادي، الفضي، والأسود.
¥