تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه

ـ[أبو الحسين]ــــــــ[14 - 11 - 2004, 06:15 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر في العقد الفريد:

دخل ضَمْرة بن ضمْرة على النعمان بن المُنْذر، وكانت به دَمامة شديدة، فالتفت النعمانُ

إلى أصحابه، وقال: تَسمع بالمُعيديّ خير من أن تراه.

فقال: أيها الملك، إِنما المرء بأصغريه قلبِه ولسانه، فإن قال قال ببَيان، وإن قاتل قاتل بجَنَان

قال: صدقت، وبحَقِّ سوّدك قومُك.

استوقفني المثل الأول كثيرا:

(تَسمع بالمُعيديّ خير من أن تراه)،

فكيف نعربه أيها السادة الكرام؟

ـ[حازم]ــــــــ[15 - 11 - 2004, 03:12 ص]ـ

أركائِبَ الأحْبابِ إنَّ الأدْمُعا * تَطِسُ الخُدودَ كما تَطِسْنَ اليَرمَعا

فاعْرِفْنَ مَنْ حَمَلتْ عَليكُنَّ النَّوَى * وامْشينَ هَونًا في الأَزِمَّةِ خُضَّعا

قدْ كانَ يَمنَعُني الحَياءُ مِن البُكا * فَاليَومَ يَمنعُهُ البُكا أنْ يَمنَعا

حتَّى كأنَّ لِكلِّ عَظْمٍ رَنَّةً * في جِلدِهِ، ولكلِّ عِرقٍ مَدْمَعا

وكفَى بِمن فَضَحَ الجَدايَةَ فاضِحًا * لِمُحبِّهِ وبمَصْرَعي ذا مَصْرَعا

سَفَرتْ وبَرقَعها الفِراقُ بِصُفرَةٍ * سَتَرتْ مَحاجِرها ولم تكُ بُرقُعا

فكأنَّها والدَّمعُ يَقْطُرُ فَوقَها * ذّهبٌ بِسِمْطَيْ لُؤلُؤٍ قد رُصِّعا

كَشَفتْ ثَلاثَ ذَوائبٍ مِن شَعرِها * في لَيلَةٍ فَأرَتْ لَيالِيَ أربَعا

واٍسَْقبَلتْ قَمرَ السَّماءِ بِوَجْهِها * فَأرَتْنيَ القَمَريْنِ في وَقتٍ معا

رُدِّي الوِصالَ سَقَى طُلولَكِ عارِضٌ * لوْ كانَ وَصلُكِ مِثلَهُ ما أقْشَعا

تحية لأستاذي الحصيف، الأديب الظريف، ذي الحسِّ الرهيف

" أبو الحسين "

" تَسمع بالمُعيديِّ خيرٌ مِن أنْ تَراه "

قال شارح " أوضح المسالك "، الأستاذ محمد محي الدين:

إنَّ هذا المثل يُروَى على ثلاثة أوجه:

أولها: " لأَنْ تَسمعَ بالمُعيديِّ خيرٌ مِن أنْ تَراه "، بلام الابتداء، وأنْ المصدرية، وهذه الرواية لا إشكالَ فيها.

وذلك لأنَّ المبتدأ فيها مصدرٌ منسبك بواسطة حرفٍ موجود في الكلام.

ثانيها: " تَسمعَ بالمُعيديِّ خيرٌ مِن أنْ تَراه "، بنصب الفعل المضارع مع حذف " أنْ "، وفي هذه الرواية شذوذ من جهة حذف الحرف المصدري وبقاء عمله.

ثالثها: " تَسمعُ بالمُعيديِّ خيرٌ مِن أنْ تَراه "، برفع المضارع، وهو " تَسْمعُ "، بعد حذف " أنْ "، وقد جاءت هذه الرواية على الأصل في حذف الحرف المصدري مع زوال عمله.

ثمَّ استطردَ قائلاً: وقد اختلفت كلمة العلماء في توجيهها، فذهب أكثرُهم إلى أنَّ الحرفَ المصدريَّ مقدَّرٌ لسبك الفعل بالمصدر حتى يقع مبتدأ، لأنَّ المبتدأ لا يكون إلاَّ اسمًا.

قلتُ: نصَّ على تقديرها ابنُ هشامٍ في " مغنيه " في موضعين.

ثمَّ قال الشارح: وذهب قومٌ إلى أنَّ الفعل إذا أُريدَ به مجرَّد الحَدث، صحَّ أن يُسنَد إليه، ويُضاف إليه، ولا حاجة عند هؤلاء إلى تقدير الحرف المصدري.

بقي النظر في إعرابه:

أنْ: حرف مصدري ونصب

تسمعَ: فعل مضارع منصوب بأن، وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.

والفاعل: ضمير مستتر تقديره أنت، والمصدر المنسبك من أنْ وما بعدها مبتدأ، والتقدير: سماعك.

بالمعيديِّ: جار ومجرور متعلق بالفعل تسمع.

خيرٌ: خبر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره.

من: حرف جر

أن: حرف مصدري ونصب

تراه، ترى: فعل مضارع منصوب بأن، وعلامة نصبه فتحة مقدَّرة، والفاعل: ضمير مستتر تقديره أنت، والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به، والرؤية هنا بصرية.

والمصدر المنسبك مجرور بحرف الجر، والتقدير: مِن رؤيتك إياه.

وإذا أردت رواية النصب مع حذف " أنْ "، تقول:

تسمعَ: فعل مضارع منصوب بأن المقدَّرة، أو: المضمرة، وعلامة نصبه فتحة ظاهرة في آخره.

على حدِّ قول طرفة، في إحدى الروايات عنه (من الطويل):

ألا أيُّهذا الزاجِري أحضرَ الوَغَى * وأنْ أشْهدَ اللذاتِ هلْ أنتَ مُخلِدي

وقول الآخر (من الطويل):

وهَمَّ رِجالٌ يَشْفَعوا لي فلمْ أجِدْ * شَفيعًا إليهِ غَيرَ جُودٍ يُعادِلُهْ

نصب " يشفعوا " بإضمار " أنْ "

أما على رواية الرفع، فالفعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره.

قال ابنُ هشامٍ في موضع آخر في " المغني ":

(ونحو: " تسمع بالمعيديِّ خيرٌ من أن تراه "، إذا لم تقدر الأصل " أن تسمع " بل يقدر " تسمعُ " قائما مقام السماع).

وجاء في " الهمع ":

(أنه مما نزل فيه الفعل منزلة المصدر، وهو سماعك، لأنه مدلول الفعل مع الزمان، فجرد لأحد مدلوليه) انتهى

والله أعلم

أستاذي الكريم، ما زلتُ أرَى أني لم أستطع الوصول إلى منزلة سؤالك الدقيق، وفهمك العميق، غير أني أرجو أن يكون في كلام العلماء دليل لك للوصول إلى هدفك، سائلاً الله لك مزيدًا من التوفيق.

مع عاطر التحايا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير