تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[في حروف المعاني: صرف العناية للبيتوشي]

ـ[الخيزران]ــــــــ[06 - 01 - 2005, 03:41 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أفرد العلماء لحروف المعاني في التصنيف كتبًا، أشهرها وأكثرها تداولاً بين طلبة العلم: مغني اللبيب لابن هشام، والجنى الداني للمرادي، ورصف المباني للمالقي، والأزهية في علم الحروف للهروي، ومنها: اللامات، وحروف المعاني للزجاجي، معاني الحروف للرماني، جواهر الأدب للإربلي. وقد أشار طه محسن في مقدمة تحقيقه للجنى الداني أن التأليف فيها ظهر منذ وقت مبكر، وممن ذكرت له مصادر اللغة والطبقات كتبًا في (الحروف): الكسائي (ت 183هـ) و ابن المبارك (ت 250هـ) والمبرد (ت 286هـ) وغيرهم. (1)

ومن مصنفات حروف المعاني التي لم أسمع بها قبلا كتاب (صرف العناية في كشف الكفاية) لعبد الله بن محمد الكردي البيتوشي (1168هـ - 1211هـ). وهو شرح لطيف على منظومته (كفاية المعاني في حروف المعاني) طبع هذا الكتاب في مطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر سنة 1341هـ ولم يعاد طبعه مرة أخرى كما ذكر أصحاب المطبعة.

و وجدت في هذه المنظومة وشرحها خير معين للطالب الشادي على فهم أحوال حروف المعاني وأحكامها، وقد أشار البيتوشي إلى ذلك في آخر منظومته، فقال:

مَوَضَّحةَ الأحكامِ والأمثالِ ** رعايةً لجانب الأطفالِ

قال: " والأطفال: جمع طفل، وهو يقع على المفرد والجمع، قال تعالى: (أو الطفل الذين) والمراد أطفال الفن لا أطفال السن." (2)

ولهذه المنظومة – في رأيي - أسلوب في النظم لطيف هو أقرب إلى الشعر العذب السلس منه إلى النظم التعليمي الجاف، حيث دأب الناظم على توضيح المعاني بأمثلة من عنده يُلمِّح فيها إلى شواهد المعنى النحوي، سواء كانت هذه الشواهد من القرآن أو من الحديث النبوي الشريف أو من أشعار العرب.

وقد حدد البيتوشي في مقدمة (الكفاية) منهجه في عرض الحروف وأحكامها مع ذكر الخلافات فيها تحديدًا دقيقًا، كذلك أشار إلى سبب نظمها والهدف منها. أما في الخاتمة فقد ذكر أهم المصادر التي اعتمد عليها في غالب أحكام هذه المنظومة.

يقول في مقدمة (الكفاية):

أحْمَدُ رَبّي حَالَةَ الضَّراءِ=حَمْدي لهُ في حالةِ السَّرَّاءِ

لا حَمْدَ مَنْ يعْبُدُ ربَّهُ على=حَرْفٍ فَإنْ وإنْ كما قَدْ أُنْزِلا

ثُمَّ أُصلِّي مَعْ سلامٍ لا يَفِي=بِحَصْرِهِ نِطَاقُ نُطْقِ الأحْرُفِ

على النبيِّ أحْمَدَ المُختارِ=وآلِهِ وصحْبِهِ الأخيارِ

وبعدُ فَاعْلَمْ أنَّني حَدَاني=شوقٌ لنظْمِ أحْرفِ المعاني

وكانَ لي إذْ ذَاك شُغْلٌ شَاغِلٌ=بَيْنٌ وإقْلالٌ وحَالٌ حَائلُ

وجَفْوَةٌ مِنْ كُلِّ خِلٍّ وصَفِي=ونَبْوَةٌ مِنْ مُسْعِدٍ ومُسْعِفِ

يَدُوسُني بِرِجْلِهِ دَوْسَ الحِذَا=دَهْري كأنِّي في جُفُونِهِ قَذَا

إلى أن يقول:

فَقُمْتُ إذْ ذاك مُشَمِّرًا إلى=إنجازِ ما شوقي منِّي أمَّلا

تقرُّبًا لذلك الجنابِ=وخِدمةً لسائرِ الطُّلاَّبِ

وقدْ جمعْتُ جُلَّ تلك الأحرفِ=مِنْ مُجْمَعٍ عليهِ والمُخْتَلَفِ

مِنَ الأُحاديّ إلى الخُماسي=مُرَتبًا وما أتى سُدَاسي

مُصرِّحًا بالخُلْفِ والترجيحِ=مبالِغًا في الكشْفِ والتوضيحِ

مُنْتقيًا زُبَدَ المعاني مَحْضَا=مِنْ بعدِ ما أمْخَضُهُنَّ مَخْضَا

وغالبًا أُعرِضُ عمَّا اشتهرا= منَ المعاني ليكونَ أخْصَرَا

ولستُ للأمثالِ أرضى إلاَّ=بناتِ أفكاري سوى ما قَلاَّ

مُلَمِّحًا في جُلِّها بالمَأْخَذِ=أحسنْ بها تَذْكِرةً للمحْتَذي

أغْربتُ في إنْشَائها إغْرابَا=فهيَ تَجَلَّتْ عُرُبًا أتْرابَا

يُحْدى بها في الدَّوّ للأيانِقِ=وتمتري دُمُوعَ كُلِّ وَامِقِ

ولسْتُ أرجو لمُهُرِها يَدَا=غيرَ دعاءٍ لي نافِعٍ غَدَا

وأسألُ اللهَ تجنُّبَ الزَّللْ=منْ فَضْلِهِ في كلِّ قولٍ وعَمَلْ

ولتوضيح منهج البيتوشي أسوق للإخوة الكرام مثالاً من شرحه المذكور.

يقول في الباء وهي من الحروف الأُحادية: (3)

والبا بمَعْنى عَنْ وَمَعْ مِنْ في عَلَى=إلى والأُولى اخْصُصْ بتَالي سألا

الباء حرف جرٍّ، وهي زائدة وغير زائدة، فأما الغير الزائدة فتجيء لأربعة عشر معنى ذُكر منها في النظم سبعة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير