ـ[وقاص]ــــــــ[08 - 07 - 2009, 05:54 م]ـ
جاء في " الأشباه والنَّظائر في النَّحو " للسّيوطيِّ رحمه الله:
(الأفعال نَكِرات؛ لأنَّها موضوعة للخَبَر، وحقيقة الخَبَر أنْ يكونَ نَكِرةً؛ لأنَّه الجُزءُ المُستفاد، ولو كانَ الفِعْلُ معرفةً؛ لَمْ يَكُنْ فيه للمخاطَبِ فائدة؛ لأنَّ حَدَّ الكلام أنْ تبتدئَ بالاسم الَّذي يعرفه المُخاطَب كما تعرفُه أنت، ثُمَّ تأتي بالخَبَر الَّذي لا يعلمُه ليستفيده؛ ذَكَرَ ذلك ابنُ يعيش في " شرح المُفصَّل ".
ومِن فُروعه: أنَّ الإضافة إلى الأفعال لا تَصِحُّ. قال ابنُ يعيش: لأنَّ الإضافةَ ينبغي بها تعريف المُضاف، وإخراجه من إبهام إلى تخصيص، على حسب خصوص المُضاف إليه في نفسه، والأفعال لا تكون إلاَّ نكرات، ولا يكون شيءٌ منها أخصَّ من شيءٍ؛ فامتنعَتِ الإضافةُ إليها؛ لعدمِ جَدْواها، إلاَّ أنَّهم قد أضافوا أسماء الزَّمان إلى الأفعال؛ تنزيلاً للفعل منزلةَ المصدر، واختُصَّ الزَّمانُ بذلك من بين سائر الأسماء؛ لملابسةٍ بينَ الفعل وبينه؛ وذلك لأنَّ الزَّمان حَرَكة الفلك، والفعل حركة الفاعل، ولاقترانِ الزَّمان بالحَدَث.
وقال أبو القاسم الزَّجَّاجي في كتاب " إيضاح أسرار النَّحو ": أجمعَ النَّحويُّونَ كلُّهم مِنَ البصريِّين والكوفيِّين: على أنَّ الأفعال نكرات؛ قالوا: والدَّليل على ذلك: أنَّها لا تنفكُّ من الفاعلِين، والفِعْلُ والفاعلُ جملةٌ تقع بها الفائدة، والجمل كلُّها نكرات؛ لأنَّها لو كانَتْ معارفَ لم تقعْ بها فائدة، فلمَّا كانت الجملُ مستفادةً؛ عُلِمَ أنَّها نكرات؛ فلذلك لَمْ تُضْمَرْ، وكذلك الأفعال: لمَّا كانَتْ مع الفاعلِين جُملاً؛ كانَتْ نكراتٍ، ولم يَجُزْ إضمارُها.
فإنْ قيل: فإذا كانَتِ الأفعالُ نَكرات؛ فهلاَّ عُرِّفَتْ كما تُعَرَّفُ النَّكِرات؟
فالجوابُ عند الفريقَيْن أنَّ تعريفَ الأفعال مُحالٌ؛ لأنَّها لا تُضاف، كما أنَّها لا يُضافُ إليها، ولا يدخلها الألف واللاَّم؛ لأنَّها جملة، ودُخول الألف واللاَّم على الجمل مُحال.
فإن قيل: لِمَ لا يجوزُ إضافتُها، وإن لم يُضَفْ إليها؟
قُلنا: لأنَّ الفعل لا ينفكُّ من فاعلٍ مُظهَر أو مُضمَر، والفعلُ والفاعلُ جملةٌ بمنزلة المبتدإ وخبره، فكما لا يجوزُ إضافةُ الجمل؛ كذلك لَمْ يَجُزْ إضافةُ الفعل.) اهـ
لي تعليقات على ما جاء به السيوطي:
1 - افترض السيوطي أن الكلمة لا تنفك عن أن تكون إما معرفة أو نكرة؛ واستدل لكون الفعل نكرة أنه ليس بمعرفة. والافتراض الأصلي يحتاج إلى إثبات قبل أن يبنى عليه.
2 - الفعل لا يكون خبرا بل الجملة الفعلية تكون كذلك.
3 - حتى لو تنزلنا وافترضنا أن ما يقع على الجملة الفعلية يقع على الفعل مباشرة فلم جازت إضافة ظروف الزمان إلى الجمل الفعلية.
4 - تبرير ابن يعيش أقل ما يقال عنه أنه مضحك؛ ما علاقة حركة الفلك وحركة الفعل لتستثنى أسماء الزمان وتجوز إضافتها. ما المنطق النحوي خلف هذا الاستدلال؟! لو كانت المشابهة سببا في جواز الإضافة؛ لكانت المصادر أولى بجواز إضافتها.
5 - إن كانت الأفعال لا تقبل التعريف أبدا؛ فكيف يتصور تنكيرها؟! الأمر فقط مرتبط بميل نحوي إلى تعميم نمط التعريف والتنكير الظاهر في الأسماء ليشمل الأفعال دون دليل واضح من اللغة، أو حاجة لاستقامة النظرية النحوية التراثية؛ فلو كانت النظرية النحوية العربية تحتاج إلى أن تكون كل كلمة إما معرفة أو نكرة لتفهمت القول بتنكير الأسماء، لكن الحقيقة أنه لا اللغة ولا النحو يطلبان ذلك.
والله أعلم ...
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[08 - 07 - 2009, 06:37 م]ـ
أولا: ههنا ( http://www.atida.org/forums/showthread.php?t=4559) حوار طيب غير مكتمل عن الموضوع وههنا ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=43900&highlight=%C7%E1%DD%DA%E1+%E4%DF%D1%C9+%E3%DA%D1%DD%C9) أيضًا.
بالمناسبة لماذا قال ابن مالك:
وإنْ يُشابِهِ المُضافُ (يفعل) ** وصْفًا فعَنْ تنكيرِهِ لا يُعْزَلُ
كَرُبَّ راجينا عظيمِ الأمَلِ** مُرَوَّعِ القلبِ قليلِ الحِيَلِ