تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وجهة نظر في "حقيقة الإعلال والإعراب"]

ـ[المرحبي]ــــــــ[07 - 07 - 2005, 05:29 ص]ـ

(حقيقة الإعلال والإعراب) كتاب صدر عام 1990 لمؤلفه الباحث اللغوي السيد راسم الطحان الذي يصف هذا الكتاب بقوله: (نهج جديد في البحث اللغوي انتهى إلى اكتشاف حقائق لغوية كبرى في الصوتيات والصرف والنحو والعروض).

وإني أعرض وجهة نظري في هذا الكتاب لا لأحكم على دقائق ما ورد فيه لأنه ليس من تخصصي، ولكن لألفت النظر إلى الدقة المنهجية التي اتبعها الباحث، ومسوغاً له طريقة تفكيره وراغباً إلى ذوي الاختصاص والاهتمام أو الجهات المعنية أو تولي هذا الكتاب بعض الاهتمام، وبخاصة أن مجمع اللغة العربية في مصر قد سبقنا إلى هذا فقد قرظ المجمع المصري هذا الكتاب بقوله فيه مخاطباً مؤلفه:

(وهو بحق ـ نهج جديد في البحث اللغوي سبقت به اللغويين المعاصرين بما ضمنته من بحوث علمية خصبة من الصوتيات وأبنية اللغة والنحو والعروض).

توقيع أ ـ د شوقي ضيف

وإني أضع وجهة نظري هذه بين يدي أية قراءة جادة لهذا الكتاب يرغب فيها من يهمه أمر العربية وعلومها.

اللغة أداة أوجدتها الحاجة إلى التواصل. فهي إما غريزية وإما متعلمة: فاللغة الغريزية هي أداة فطرية محددة تستخدم وسائل فطرية محددة لتحقيق وظائف فطرية محددة وهي تميز النوع ـ والحيوانات كلها تتواصل بهذه اللغة.

أما اللغة المتعلمة فهي أداة مستحدثة تستخدم وسائل مستحدثة لتحقيق غايات غير محدودة وهي تميز الإنسان.

واللغات التي استخدمها الإنسان عبر تطوره وتطور علاقاته مع البيئة المادية والاجتماعية كثيرة وكثيرة جداً والإنسان (أي النوع الإنساني) قادر على أن ينتج ما لا نهاية له من اللغات من أجل التواصل مع الآخرين.

وهذه اللغات التي أقصدها هي مجموعة ما أنتجه وما سينتجه المجتمع الإنساني من إشارات حركية إلى أصوات إلى رسوم إلى أشكال وإلى ألوان، وذلك من أجل تواصله ونقل رغباته وخبراته إلى الآخرين.

وكل ما هو موضوع قابل لأن يدركه الإنسان عن طريق الحواس كلها، صالح لأن يكون مادة للغة يتواصل بها بنو البشر.

إلا أن لغة اللسان ـ اللغة المنطوقة المسموعة والمكتوبة المقروءة ـ هي ما يميز بشكل خاص كل مجتمع بشري. ولكل مجتمع بشري لغته التي أنتجها تلبية لحاجات كانت مهمة وملحة حوله. فاللغة منتج اجتماعي وليست صناعة فردية. وليست توقيفية بالمعنى العقائدي أو الديني للكلمة.

إنها ظاهرة مثل كل ظواهر الوجود، إنها ظاهرة موضوعية، لها ظروفها التي نشأت فيها، وغايتها التي ترمي إليها. ولكل لغة بناؤها الخاص الذي يميزها عن غيرها، وهذا البناء لم يتكون اعتباطاً ولا مصادفة. وهو بناء منظم متماسك ولكنه في الأصل معمى عنا الكثير من أسس نظامه وتماسكه. واللغة العربية واحدة من لغات البشر تميزت بتماسك بنيانها مع قدرتها على أن تكون فعالة وقادرة على تحقيق التواصل ونقل الخبرات البشرية المتغيرة المتطورة على نحو جيد، وذلك بسبب بنيتها القائمة على الاشتقاق الذي نجم عنه علم الصرف، وبسبب بنائها القاعدي المتين الذي نجم عنه علم النحو والإعراب.

وبما أن اللغة العربية، مثل غيرها من اللغات، ظاهرة من ظواهر الوجود مثل كل ظاهرة طبيعية أخرى، فقد حاول الإنسان العربي الكشف عن القوانين الناظمة لهذا البناء اللغوي الذي هو معمىً عنا، وذلك من أجل تعليمه للأجيال القادمة كي تبقى اللغة العربية عند أبنائها متماسكة البناء ومحافظة على ذاتها، فكان ما يسمى بعلوم النحو والصرف والعروض .. إلخ. فإن هذه العلوم قد قعّدت اللغة.

ولكن ما هو العلم؟

أحد تعريفات العلم يقول (هو البحث الدائم عن الثوابت في الوجود) أياً كانت هذه الثوابت ـ عددية أم علائقية، أم علية أم وصفية تلازمية .. إلخ.

وقد تطورت مناهج البحث عن هاتيك الثوابت في كل العلوم فتطور معها كثير من النتائج في شتى ميادين البحوث العلمية.

فهل ينطبق هذا على علم قواعد اللغة العربية؟

بنظرة متأنية يتبين لنا أنه ينطبق.

فما القواعد الراهنة التي بين أيدينا والتي ندرسها إلا ثوابت متوقع أنه بناءً عليها انتظمت متغيرات مواقع الكلام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير