تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهذا مما ملكت يمين المخاطب في هذه الآية من الفتيان وليست من الفتيات، وأراد أن يكاتب مولاه على التحرر من العبودية؛ فوصلت لما كان هذا مما ملكت يمينه هو، وملك يمينه موصول به. فجاء الرسم موافقًا للحال الذي عليه ملك اليمين مع المخاطبين بشأنه.

الموضع الثاني: في قوله تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) الروم

فهذا سؤال: هل يوجد مُلك يمين شريكاً لمالكه في ملكه؟

فكيف يكون شريكًا له وهو مُلك لصاحبه؟!

فهل يقبل مالك أن يكون مُلك يمينه شريكًا له؟

لذلك قطعت في هذا الموضع لعدم وجود مالك يقبل ذلك.

فكيف يكون لله شريكًا له من عبيده إذا كان البشر لا يقبل شراكة عبيدهم لهم؟!

فقطعت لذلك في الرسم كما هي مقطوعة في الواقع.

الموضع الثالث: في قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) المنافقون.

يطلب سبحانه وتعالى في هذه الآية من عباده الإنفاق مما رزقهم الله قبل مجيء الموت، فيندم على عدم إنفاقه، فيطلب تأخير أجله لكي يتصدق من المال الذي تركه خلفه، وانفصل عنه بالموت ... وهيهات أن يؤخر الأجل له؛ (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) نوح،

فجاءت "من ما" في هذه الآية مفصولة؛ لأن طلب الإنفاق كان من المال الزائد عن الحاجة، المفصول عنه بالموت، والباقي بعده لمن لا يدري في أي باب خير أو شر ينفق.

أمّا اتصالها في قوله تعالى: (فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا ءاتَاهَا (7) الطلاق

وقوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ (7) الحديد،

وقوله تعالى: (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً (29) فاطر

وغير ذلك من المواضع فكلها فيها طلب الإنفاق من المال الذي بين أيدينا، ومتصل بنا، غير مقطوع عنا، ولم يربط بذكر الموت؛ فجاء الرسم فيها متصلاً لاتصال المال المنفق منه بمالكيه.

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الثالثة: قطع ووصل: إنّ ما

ورد لفظ "إنّ مَا" موصولاً في (146) موضعًا، ومقطوعًا في موضعٍ واحدٍ فقط؛

في قوله تعالى: (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) الأنعام.

ويرجع القطع في هذا الموضع إلى أن الموعود به هو أمر سيحدث في المستقبل؛ فزمنه مقطوع عنا في الحاضر؛ فالوعد باليوم الآخر والحساب والجنة والنار ... كل ذلك سيكون في زمن مستقبل، علمه عند الله، وقدومه مجهول لدى كل البشر.

وأمّا اتصالها في قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) الذاريات.

وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) المرسلات.

فيرجع ذلك إلى أن الآية تقرر أن الوعد صدق وأن الوعد ثابت وحق، لا تراجع عنه، والآيتان لا تتحدثان عن زمن الموعود وقدومه، كما في ءاية التي قطعت (إنما) فيها.

وأمّا اتصال "إنَّما" في بقية المواضع فهو لتأكيد وتقرير وتوثيق وتثبيت ما ارتبطت به، فكان حقها الوصل لا الفصل؛

كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ (171) النساء

وفي قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) البقرة.

وفي قوله تعالى: (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ (14) البقرة.

وفي قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) الجن.

وإذا كانت "ما" زائدة فزيادتها جاءت من جواز الاستغناء عنها؛

إنَّما الله إله واحد = إنَّ الله إله واحد.

ولما كانت "ما" تفيد العموم والإبهام؛ فإن ذكر المعرف بعدها يكون تعظيمًا له، وشدة تأكيد له، فكأن هذا العموم اختزل فيه.

وإذا كانت "ما" مصدرية؛ قل إنَّما أدعو = قل إنَّ دعائي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير