تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقد وافق القطع في الآية؛ قطعهم ما أفاضوا فيه من القول، بعد أن تبين لهم الحق، وان ما قد قيل في حادثة الإفك التي نزلت فيها هذه الآية؛ هو بهتان عظيم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

وقطعت في قوله تعالى: (أَتُتْرَكُونَ في ما هَاهُنَا ءامِنِينَ (146) الشعراء.

وقد وافق القطع تقريع صالح عليه السلام وتوبيخه لقومه؛ على التمسك والاغترار بالمنقطع الذي لا استمرار له ولا خلود، والمقطوع عنهم؛ لأنه لا يني عليه أجر في الآخرة من زكاة تخرج منه، أو نفقة، أو صدقات، وهو الذي قطعهم عن الله، فكفروا به، وبالآخرة.

وقطعت في قوله تعالى: (عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ في ما لا تعلمون (61) الواقعة.

وقد وافق القطع ما قطع عنا العلم به والمعرفة له مكانًا وزمانًا.

وقطعت في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) البقرة.

وقد وافق القطع رفع الحرج عن أهل الزوجة التي توفي عنها زوجها؛ إن قطعت الزوجة الوصية، وخرجت من بيت زوجها الذي وصى لها الانتفاع بالبيت حولاً كاملاً بعد وفاته عنها.

وقطعت في قوله تعالى: (قل اللهم َّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ في ما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر.

وقد وافق القطع الفصل بينهم فيما اختلفوا فيه، وباعد بينهم في الدنيا؛ فمنهم من اتبع الحق، ومنهم من انصرف إلى الباطل، والبعد بينهم في الآخرة أشد وأعظم مما في الدنيا.

وقطعت في قوله تعالى: (ألا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ في ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر.

وقد وافق القطع التفريق بينهم وبين من يعبدونه ليقربهم إلى الله زلفى؛ فقد جاء في تفسير هذه الآية في تفسير "مفاتيح الغيب" للفخر الرازي؛ "واعلم أن الضمير في قوله: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرّبُونَا إِلَى ?للَّهِ زُلْفَى) عائد على الأشياء التي عبدت من دون الله، وهي قسمان؛ العقلاء وغير العقلاء؛ أما العقلاء فهو أن قوماً عبدوا المسيح وعزيزاً والملائكة، وكثير من الناس يعبدون الشمس والقمر والنجوم، ويعتقدون فيها أنها أحياء عاقلة ناطقة، وأما الأشياء التي عبدت مع أنها ليست موصوفة بالحياة والعقل فهي الأصنام، إذا عرفت هذا فنقول الكلام الذي ذكره الكفار لائق بالعقلاء، أما بغير العقلاء فلا يليق" والحكم لا يكون إلا بين العقلاء.

فالقطع والتفريق هو بين المشركين وبين الذين عبدوهم من الملائكة وعيسى والعزير، أما الأصنام فإنها تجمع معهم في النار؛ (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) الأنبياء.

أما وصلها في الحكم فيما يختلفون فيه؛ فإن هذا الاختلاف كان على الحق، فمنهم من اتبعه، ومنهم من أنكره وانصرف عنه وكفر به، فالحكم سيكون بإثبات الحق، وعلى ذلك كان الوصل فيها.

و"فيما" مكونة من "في" المستعملة مع الحركة والانتقال، ووصلها مع "ما" الموصولة بمعنى "الذي" علامة على ثبات ما اتصلت به فهو حق في الدنيا مختلف فيه، وحق في الآخرة عند الانتقال والحول إليها.

والحكم سيكون بين من أقر به واتبعه وآمن به، ومن أنكره وكفر به.

فالوصل في الآيات العشرة التالية بألفاظ الحكم أو القضاء أو الفصل هي كلها في الاختلاف على الحق الثابت في الدنيا والآخرة، فلا قطع ولا إبطال له، ولأجل ذلك كان الوصل فيها جميعًا؛

في قوله تعالى: (وقال الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير