تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم ذهب شراح التلخيص إلى القول بأنه يمكن أن تطلق: البديع على علوم البلاغة الثلاثة؛ لبداعة مباحثها وحسنها؛ لأن البديع: وهو الشيء المستحسن؛ لطرافته وغرابته، وعدم وجود مثاله من جنسه، ومباحث هذه العلوم كذلك، كما أنهم ذهبوا إلى أن كثيراً من الناس يسمي الجميع: علم البيان؛ لأن البيان هو: المنطق الفصيح المُعرِب عما في الضمير، ولا شك أن العلوم الثلاثة لها تعلُّق بالكلام الفصيح تصحيحاً وتحسيناً ().

وبهذا تكون طرائق البلاغيين في هذا الإطلاق ثلاثة:

(1) التقسيم الثلاثي: المعاني، البيان، البديع، كما يظهر في صنيع صاحب تلخيص المفتاح والإيضاح؛ حيث سَمَّى كل فن منها باسمه.

(2) اتجاه الكثرة إلى إطلاق اسم البيان على العلوم الثلاثة.

(3) اتجاه البعض إلى إطلاق اسم البديع عليها.

ومهما تنوعت الطرائق فإن مفهوم البيان يظل دائراً بين معنيين في حياتنا المعاصرة هما:

1_ معنى أدبي واسع: ينتظم الإفصاح عن كل ما يختلج في النفس من المعاني والأفكار، والأحاسيس والمشاعر؛ بأساليب لها حظها الممتاز من الدقة والإصابة، والوضوح والجمال، وهو بهذا التعميم يجمع فنون البلاغة الثلاثة.

2_ معنى علمي محدود هو: التعبير عن المعنى الواحد بطريق الحقيقة أو المجاز أو الكناية () وهو أحد فروع البلاغة عند أهل الاصطلاح.

ولعل التعريف الذي ترتضيه للبيان الاصطلاحي هو: التعبير عن المعنى الواحد بطريق التشبيه، أو المجاز، أو الكناية، ذلك أنها الطرق التي يستخدمها الأدباء في صياغة آثارهم الأدبية الرائعة، بل هي الدلالات الخاصة التي تنتظم أسرار الفصاحة والبلاغة في جو الأساليب التي ينشئها هؤلاء الأدباء؛ تعبيراً عن أفكارهم، وتصويراً لعواطفهم، وهذه الأساليب تتفاوت وضوحاً وخفاء، قوة وضعفا.

ولا شك أن البيان العربي تجود به الفكرة، وتتضح به الصورة؛ ومن ثمّ كثر عُشّاقه على مرّ العصور يعمدون إليه، ويحرصون عليه، وقد تأكدّت منزلة البيان الرفيعة مع تعاقب الأيام والأعوام؛ لأهمية موضوعه؛ فما موضوعه ذلك؟ وما مكانه من البلاغة؟ هذا موضوع مقال تال ٍنرجو أن نوفق إليه إذا شاء الله تعالى، هذا وبالله التوفيق.

المصدر: البيان البلاغي عند العرب معناه، أطواره، الدكتور عبد الحميد العبيسي - رحمه الله - أستاذ البلاغة والنقد في كلية اللغة العربية - جامعة الأزهر بالقاهرة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير