تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال أيضا: السؤال الأول: ما فائدة {مِنْ} في قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ}؟ والجواب من وجوه أحدها: أنها صلة زائدة والتقدير يغفر لكم ذنوبكم والثاني: أن غفران الذنب هو أن لا يؤاخذ به، فلو قال: يغفر لكم ذنوبكم، لكان معناه أن لا يؤاخذكم بمجموع ذنوبكم، وعدم المؤاخذة بالمجموع لا يوجب عدم المؤاخذة بكل واحد من آحاد المجموع، فله أن يقول: لا أطالبك بمجموع ذنوبك، ولكني أطالبك بهذا الذنب الواحد فقط، أما لما قال: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} كان تقديره يغفر كل ما كان من ذنوبكم، وهذا يقتضي عدم المؤاخذة على مجموع الذنوب وعدم المؤاخذة أيضاً على كل فرد من أفراد المجموع الثالث: أن قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} هب أنه يقتضي التبعيض لكنه حتى لأن من آمن فإنه يصير ما تقدم من ذنوبه على إيمانه مغفوراً، أما ما تأخر عنه فإنه لا يصير بذلك السبب مغفوراً، فثبت أنه لا بد ههنا من حرف التبعيض.

وقال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: ما معنى التبعيض في قوله: من ذنوبكم؟ قلت: ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله: {واتقوه وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 3 - 4]، {ياقومنا أَجِيبُواْ دَاعِىَ الله وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذنوبكم} [الأحقاف: 31] وقال في خطاب المؤمنين: {هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] إلى أن قال {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: 12] وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد، وقيل: أريد أنه يغفر لهم ما بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها.

وقال الماوردي في النكت والعيون: فإن قلت: ما معنى التبعيض في قوله: من ذنوبكم؟ قلت: ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله: {واتقوه وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ} [نوح: 3 - 4]، {ياقومنا أَجِيبُواْ دَاعِىَ الله وَءامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذنوبكم} [الأحقاف: 31] وقال في خطاب المؤمنين: {هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] إلى أن قال {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: 12] وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد، وقيل: أريد أنه يغفر لهم ما بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها.

وقال في موضع آخر: {يَغْفِرْ لكم مِن ذُنوبكم} فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن «من» صلة زائدة، ومعنى الكلام يغفر ذنوبكم، قاله السدي.

الثاني: أنها ليست صلة، ومعناه يخرجكم من ذنوبكم، قاله زيد بن أسلم.

الثالث: معناه يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها، قاله ابن شجرة.

وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله: {من ذنوبكم} ذهب بعض النحاة إلى أنها زائدة، وسيبويه يأبى أن تكون زائدة ويراها للتبعيض.

قال القاضي أبو محمد: وهو معنى صحيح، وذلك أن الوعد وقع بغفران الشرك وما معه من المعاصي، وبقي ما يستأنفه أحدهم بعد إيمانه من المعاصي مسكوتاً ليبقى معه في مشيئة الله تعالى، فالغفران إنما نفذ به الوعد في البعض، فصح معنى {من}.

وقال في موضع آخر: وقال قوم: هي لبيان الجنس، وهذا ضعيف لأنه ليس هنا جنس يبين، وقال آخرون هي بمعنى «عن». وهذا غير معروف في أحكام «من»، وقال آخرون: هي لابتداء الغاية وهذا قول يتجه كأنه يقول يبتدئ الغفران من هذه الذنوب العظام التي لهم. وقال آخرون: هي للتبعيض، وهذا عندي أبين الأقوال، وذلك أنه لو قال: «يغفر لكم ذنوبكم» لعم هذا اللفظ ما تقدم من الذنوب وما تأخر عن إيمانهم، والإسلام إنما يجبُّ ما قبله، فهي بعض من ذنوبهم، فالمعنى يغفر لكم ذنوبكم، وقال بعض المفسرين: أراد {يغفر لكم من ذنوبكم} المهم الموبق الكبير لأنه أهم عليهم، وبه ربما كان اليأس عن الله قد وقع لهم وهذا قول مضمنه أن {من} للتبعيض والله تعالى الموفق. وراجع تفسير روح المعاني للآلوسي فقد أطال الجواب، وفيما نقلته كفاية فيما أحسب والله أعلم بكتابه.

جزاكم الله خيرا على هذا النقل واود القول اننا تعلمنا من علماء القراءات انه لايوجد في القران الكريم حرف زائد والافضل ان يكون اعراب الحروف حسب المعنى المراد والله اعلم 0

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير