تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الوقفة مع قوله تعالى: [تؤزهم] أي تهيجهم, وتزين لهم المعصية, وتغريهم بمواقعتها وتلبس عليهم أمرهم؛ فلايُحْكِمون ولا يحسنون؛ كماأنّ اللفظة تشير إلى أنّ من تؤزه الشياطين يسير إلى مبتغاه في هذه الحياة بخفة وطيش؛ و في الأز معنى استعجال الوصول إلى المطلوب من غير أناة ولا روية. فكأنك تنظر إلى هذاوهويعالج الوصول إلى أهدافه وينظر بحذرٍ جميعَ من حوله مخافة العلم به فيسبقونه إلى ما يريد؛ فهو موكول إلى أسبابه البشرية القاصرة.

وإذا عرفنا أنّ الغليان وشدة السير من معاني ألأزّ؛ ّفإنّه سيبدو بأذهاننا شيء آخر للصورة. ذلك أن فيها إشارة إلى ما يعتلج في نفسه من قلقٍ وتحسرٍ واستحثاث. وهذاتصويرُلدخيلته. ثم ماتلبث هذه الصورة الداخلية أن تظهرلنا نتائجها خفة في تحركه.

وتتوسع دائرة الصورة إذا عرفنا أنّ من معاني الأز [ضَرَبَان العِرق] فهذا إضافة لاضطراب جزء من داخله. فكأننا أمام متحركة خفيف تعبث به الريح فتميله كما شاءت لاكماشاء؛ فهوحين أسلم قياده للشياطين تسلطت عليه وزادته رهقا. فكلما رام أمرًا وهم بإنجازه اجتالته الشيا طين ,وأجلبت عليه مُزينةًً له آخرفتستخفه إليه فإذاباشره وبدأالعمل به زهّدته فيه و زيّنت له آخر. وهكذا تستحيل حياته إقبالا ونكوصا. فتشد الشياطين عليه الوثاق؛ فتبقى أهدافه في حياته كلها معلقة من غيرأن يستمتع بتحقيقها

وسبْقُ {أزّ} بقوله تعالى: [أرسلنا] المتصلة بضمير التعظيم يدل على قوة وشدة تأثيره فيه وأنّه لاطاقة له بدفعه.

وقفة

{وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (32) سورة النساء

وقفتنا هنا مع قوله تعالى: {ولاتتمنوا} وقوله: {واسألوا}.حيث إنّ التمني وردفي الرغبة في الحصول على ماعندغيرنا. والتمني في اللغة هوطلب مايمتنع أويشق حصوله. وفي هذا مايشيرإلى وجوب توقف الإنسان عن التطلع إلى النعم التي فضل بها بعضًاعلى بعض.

وبالجانب الآخرنجدالأمربالسؤال فبلاغة التعبير القرآني من مظانها هنا هواستعمال التمني فيمالا يمكن الحصول عليه إذ الأمر متعلق بالتقديرالآلهي وليس في الأمر شيء من مستطاعات البشر. وعندالرغبة في الوصول إلى المقصود جاء التعبير بلفظ السؤال. فماعندالله يمكن حصوله بالدعاء. كماأنّ قوله تعالى: {من فضله} فيه إشارة إلى أنّ من تفضل على هؤلاء بنعمة لايزال فضله مفتوحًا لسواهم فخزائنه ملئى ويده سحى. كماأنّ هنا إشارة إلى أنّ الإنسان لاييأس. وفيه بث الأمل, وفيه حث على العمل للحصول على المطلوب بأساليبه الصحيحة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير