قلنا له: ما تقول، في مثال الكمبيوتر، الذي نستخدمه في الدلالة على الحاسب الآلي، ثم استعملته الناس لتدل به على الإنسان الذكي؟ ألسنا نلاحظ العلاقة بين المعنى الأول والمعنى الثاني، من حيث تشبيه الرجل الذكي في سعة عقله وقوة ذاكرته، وسرعة بديهته بالكمبيوتر؟ وأننا توسعنا في مدلول اللفظ بناء على وجود علاقة، وهذا المقصود بالمجاز عند مثبتيه؟
فماذا كان جواب هذا المتعنت الجاحد؟
انظر إلي ما قال في موضوع "نقد محاضرة الدكتور عبد المحسن العسكر حول المجاز" في جوابه على لفظ الكمبيوتر:
ثم نقول: إن الصواب الذي لا مدخل للتوهم والفساد فيه: أن يقال: ما كان من هذا الجنس من الألفاظ قد عُلم المعنى الأول الذي استعمل فيه ثم علم أنه استعمل في معاني أخر = أن يقال: هذا من قبيل النقل والتطور الدلالي فيقال: وضع هذا اللفظ والصواب أن يقال: (معنى هذا اللفظ في الطبقة الأولى التي تكلمت به) هو: كذا ..
ثم تم نقله ليدل على: كذا، وكذا ..
فتأمل هذا الجواب الساقط المتهافت كصاحبه، كل هذا حتى لا يقر بالمجاز، يريد أن يقول هذا اللفظ استعمل في الدلالة على الحاسب الآلي، ثم تم نقله ليدل على كذا وكذا ... ولم يعترف بوجود علاقة بين المعنيين فراراً من الإقرار بالمجاز، أو بوجود المجاز في اللهجات العامية، والذي كان قد أنكره.
وبقي هذا المتألي بعدها على إنكاره المجاز في اللهجات العامية، مع أن جحد هذا بعد بيانه على وجه لا يداخله الشك ليس إلا مكابرة وتعنتاً، وتعصباً أعمى.
والحق أن تسليم هذه المقدمة -أي التسليم بوجود مجاز في اللهجات العامية- والذي يتضمن الإقرار بوجود أصل المجاز، وأنه أمر طبيعي في كل لغة وكل لسان كما قال الدكتور العسكر
الذي يظهر - يا أخوة - أن هذا التقسيم - تقسيم الكلم إلى حقيقة ومجاز - ليس خاصا بالعربية - كما ذهب إلى ذلك جمع من العلماء -، بل هو أمر فطري تقتضيه طبيعة اللغات، وتفرضه قرائح المتكلمين؛ لأنه خروج بالكلام عن الأصل الذي اطرد به الاستعمال، وهذا موجود في كل لغة، ولا تختص به لغة دون لغة، ولا تختص به أمة دون أمة، ومن المعلوم بداهة أن هناك طرائق في التعبير، وأساليب مشتبهة بين البشر، وهذه الأساليب المشتركة إنما هي تتبع الخصائص الموجودة في النوع الإنساني، فطبعي بعد ذلك أن يكون في كل لغة حقيقة ومجاز.
والتعبير بـ (القمر) عن الطلعة البهية، وبـ (السبع) عن الرجل الشجاع، هذا لا تختص به هذه اللغة العربية، بل هو موجود في كل لغة، نعم هذه اللغة العربية تمتاز بوفرة مجازاتها وبوفرة أساليبها حتى اعترف بذلك المستشرقون الذين لهم اطلاع على لغات واسعة
أقول: إن تسليم هذه المقدمة يسهل عليه وعلينا المضي في إثبات المجاز في كلام العرب الأولين، لأننا إذا ثبت عندنا أصل المجاز، ووقوعه في اللغات من حيث هي لغات، فلن نجد ما يمنع من إمكان وقوعه في لسان العرب الأولين، وهذا ما يحاول أبو فهر أبعادنا عنه وإغراقنا في أبحاث لا جدوى من ورائها.
ولو أن عند هذا الرجل شيئاً من التقوى، وشيئاً من مخافة الله، وشيئاً من الإذعان للحق الذي هو حلية العلماء، أو المتوسمين باسم العلم، لأقر بهذه الحقيقة الواضحة الضرورية التي لا يسعه جحدها، فكيف وقد جحدها؟
وها هو ذا يستعرض نفسه في هذه الأمثلة، ويظن أنه على شيء، واقترح - في مشاركة سابقة له- أن يحصر الموضوع في لسان العرب القديم المحتج بعربيته!! هروباً من الإقرار بهذه الحقيقة التي تأتي عليه وعلى مذهبه.
لست أريد أن أقطع كلامكم مع هذا الدعي، ولكن أقول:
إن من شيمة العلماء الاعتراف بالخطأ، وكان الأصل في هذا الرجل أن يبادر إلى الاعتراف بالخطأ إذ بادر إلى القول بنفي المجاز في اللهجات العامية، فجيناه بما يدحض زعمه ويبطل مذهبه، فأبى أن يعترف وظل يلف ويدور في حلقة مفرغة.
هذا الدعي يا إخوة لا يريد أن يعترف بأصل المجاز، ويظن أنه ما زال يحارب المجاز، ولا يدري أن المجاز انتصر عليه، وعلى أمثاله من حيث إن طبيعة اللغات لا تأباه.
الخلاصة: أن الطريق المثلى في جدال هذا الرجل هي إلزامه بالاعتراف بوقوع المجاز في لهجات الخطاب عندنا، وهذا الأمر واضح وضوح الشمس، فإن أقر بهذا فقد أقر بوجود أصل المجاز، وبعد هذا يسهل علينا أن نمضي معه إلى إثبات المجاز في كلام العرب القديم.
وإن لم يعترف، فلا أرى خيراً في استمرار هذا الجدال معه، بل دعوه وشأنه ...
وجزاكما الله خيراً على تكبدكما العناء في إثبات أن الشمس طالعة، لمن يراها ولا يريد أن يعترف بذلك ...
ـ[أبو فهر]ــــــــ[27 - 07 - 2009, 11:05 م]ـ
أنا أكرر الحجة طلباً للمدارسة فأكرر الحجة لهذ ولذاك .. أما وجودك هنا وهناك فموجب لتكرار الحجة من قبلي لشخص واحد= وهذا يضيع الوقت وليس هو مسلك من يطلب الحق؛ إذ يرضيه سماع الحجة في موضع واحد ..
دمت موفقاً ..
¥