عنه، كما في هذا السياق، فإن المذكور دال عليه بدليل الخطاب أو مفهوم المخالفة أو قياس العكس.
وانتظام اللفظ الواحد لتلك المعاني المتعددة مئنة من: بلاغة التنزيل وقوة حجته، فهو: (هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، ففيه الخبر السمعي الصادق، وفيه البرهان العقلي القاطع.
ودلالة الاستفهام على التحضيض في مقام الاعتبار دليل على إرادة الزجر بطرد النتيجة في الآخرين فرعا عن الأولين، فإن من تأمل وقوعهم في عين ما وقع فيه أسلافهم، ظهر له أن مصيرهم كمصيرهم، إذ سنة الإهلاك فرعا عن التكذيب سنة كونية نافذة، فالحكم دائر مع علته وجودا وعدما، فمتى كان التكذيب كان الإهلاك، ومتى انتفى الأول انتفى الثاني، على حد قوله تعالى: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ): فلما آمنوا وصدقوا انتفت علة الإهلاك، فكشف الله، عز وجل، عنهم العذاب، فدل ذلك بمفهومه، فضلا عن منطوق نصوص إهلاك الأمم المكذبة، على أن من لم يؤمن لم يكشف عنه العذاب فكان من الهالكين.
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ:
فـ: "كل": نص في العموم، وذلك إمعان في النذارة، وتقرير لما تقدم من عموم إحاطته، عز وجل، بأعمال عباده فهي مسطورة في اللوح المحفوظ أزلا، مسطورة في الزبر التي بأيدي الكتبة عليهم السلام على جهة الإحصاء إمعانا في إقامة الحجة.
فـ: "أل" في "الزبر": عهدية ذهنية تشير إلى كتب بعينها هي كتب الحفظة عليهم السلام.
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ:
وكل صغير وكبير: زيادة في البيان بعد الإجمال، فـ: "كل": عموم مجمل، و: "صغير وكبير": تفصيل له ببيان أفراده على جهة الاستيفاء لأوجه القسمة العقلية المحيطة بأعمال العباد على حد قوله تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).
وفيه بيان لإجمال الظرفية في: "في الزبر"، فهو كائن فيه مسطورا سطر المكتوب في الصحف.
والله أعلى وأعلم.
ـ[الحسام]ــــــــ[04 - 09 - 2009, 06:53 م]ـ
الباء في بقدر للملابسة، والملابسة هي أن الله سبحانه وتعالى خلق كل شيء خلقا ملتبسا بتقدير حكيم، اقتضته سنتنه ومشيئته فى وقت لا يعلمه أحد سواه سبحانه والكلمة ليست حالا وإنما هي مفعول ثان للفعل (خلقناه) يقول الطاهر بن عاشور:
الباء في {بقدر} للملابسة، والمجرور ظرف مستقر، فهو في حكم المفعول الثاني لفعل {خلقناه} لأنه مقصود بذاته، إذ ليس المقصود الإِعلام بأن كل شيء مخلوق لله، فإن ذلك لا يحتاج إلى الإِعلام به بَلْه تأكيده بل المقصود إظهار معنى العلم والحكمة في الجزاء. أهـ
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 08:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا على المرور والتعديل: دكتور حسام.
ـ[السراج]ــــــــ[05 - 09 - 2009, 03:16 م]ـ
بارك الله في أخي مهاجر ..
ـ[أحلام]ــــــــ[06 - 09 - 2009, 03:44 م]ـ
الاخ الفاضل: مهاجر
جزاكم الله خيرا على النقل المبارك
وجعله في ميزان حسناتكم