(رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً) (الطلاق: 11) وكلمة التلاوة هي التطبيق الفعلي و ألقولي الممتد من السبب وهو الآيات البينات أي تلاها و بينها للناس تطبيقاً قولاً و فعلاً مستمداً ذلك من كتاب الله إلى العباد.
مثال: قول الله تعالى (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ... وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا) (الشمس: 1,2) أي جاء بعدها و استمد منها (الفعل) وهو النور المنبعث من القمر، وفي قول الله تعالى في سورة القصص (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) القصص: 3) بيّن الله تعالى نقلاً من بداية حياة موسى عليه السلام وكيف أوحى إلى أمه أن أرضعيه فإذا خفت عليه فالقيه في اليم و إلى أن بعثه رسولاً إلى فرعون و ملئه و إلى أن اغرق فرعون و ملئه ناقلاً ذلك نقلاً مفصلاً من علم الغيب عن جميع الأحداث فقال عن نفسه سبحانه وتعالى نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق ولم يقول نقص عليك.
وقال تعالى عن كتابه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِينا) ً (النساء: 174)
لماذا؟ لأن آياته بينات يعنى أنها دليل معجز ونفسها مبينات دالة على كيفية الفعل وما يترتب عليه،
واعلم إن: البرهان آية بينة مبينة، فكتاب الله برهان من حيث أن آياته بينات الدلالة على صدق الكتاب، و نفس الآيات مبينات للفعل والنتائج من حيث إتباع المنهج الصحيح الذي يوصل إلى رضاء الله والفوز بالجنة والنجاة من النار، وكذلك البرهان في قصة يوسف عليه السلام (رأى برهان ربه) كان آية بينة من حيث اختراق البصر للحواجز و تحديد مكان ربه العزيز، ونفسها مبينة الطريقة في الفعل والنتيجة من حيث تلاها أي جاء من بعدها واستمد منها الفعل استبقا الباب وما ترتب بعده من النجاة.
وتعريف البرهان:- كل أمر خارق يبين السبب الذي يترتب عليه الفعل ونتائجه يطلق عليه برهان, وهو آية بينة مبينة
وفي الحديث الشريف رواه مسلم (الصدقة برهان) وهذا من حيث تبيين منافعها الخارقة والعائدة على المتصدق وعلى سبيل المثال لا الحصر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (داووا مرضاكم بالصدقات) فـ كانت الصدقة آية بينة لما أودع فيه من قدرة مبينة للفعل وما يترتب عليه من نتائجه وهو شفاء المريض.
قول الله تعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على هداية عمه فقال الله تعالى (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ) أي يهدي من شاء بنفسه هو الهداية فكتاب الله هداية دلالة على صدق الكتاب و الرسول المبلغ, وهداية الله في الأفعال معونة على كيفية الأفعال الصحيحة المؤدية إلى النتائج و لا يعود الضمير على الله في قوله (ولكن الله يهدي من يشاء).
(والقاعدة التي سنها الله في أسباب الخلق هي العبادة الاختيارية افعل أو لا تفعل وهذه إرادة الله)
وهذا ما عناه الله تعالى بقوله (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) و (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ... لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ... وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) التكوير: 29) و أصل مشيئة العباد من مشيئة الله تعالى أراد إيجاد عباد مختارين فجعل لهم إرادة و مشيئة، ولم تكون مشيئتهم منهم ونحن لم نشأ بأنفسنا إلا أن شاء الله سبحانه و تعالى إن تكون لنا هذه المشيئة في الفعل.
¥