وسأشرح مفهوم العامل لأبين مدى سقم فهم ابن مضاء ومن شايعه في الرد على النحاة
العامل في نظر النحويين لفظ أو معنى يستدعي ذكر ألفاظ معينة على هيئة مخصوصة من الرفع أو النصب أو الجر أو الجزم، فالعامل اللفظي له معنى يقتضي معنى الفاعلية أو معنى الفاعلية والمفعولية أو معنى الإضافة في الأسماء، ولكل معنى من هذه المعاني علامة لفظية تختص بها، فالرفع علم الفاعلية والنصب علم المفعولية والجر علم الإضافة، وهذه المعاني النحوية أعني الفاعلية والمفعولية والإضافة هي المقتضية للإعراب في الأسماء.
والعامل في نظر النحويين ليس كالعامل بالطبع مثل عمل النار الإحراق، وليس عاملا بالإرادة كما يعمل الإنسان، وإنما هو لفظ منطوق يستدعي ورود لفظ أو ألفاظ على هيئات مخصوصة، وورود هذه الألفاظ بعد العامل على هيئات مخصوصة شيء مأخوذ من استقراء كلام الفصحاء، فالفعل يستدعي وجود فاعل، وهذا الفاعل يأتي على هيئة مخصوصة هي الرفع، فسمى النحاة الفعل عاملا وسموا الفاعل معمولا، وقالوا: الفعل يرفع الفاعل، بمعنى إذا ذكر الفعل وذكر بعده الفاعل كان الفاعل على هيئة الرفع، بناء على ما استنتج من استقراء كلام العرب.
وسأضرب مثالا حسيا يبين مفهوم العامل
إن مثل العامل كمثل الجلوس الذي يستدعي أن تكون مادة الخشب على هيئة مخصوصة ليكون صالحا للجلوس، فيقوم النجار بتركيب المواد الخشبية لتكون على صورة ملائمة للجلوس، فالجلوس بمثابة العامل والمادة الخشبية بمثابة المادة اللغوية والكرسي الذي يقتضيه الجلوس بمثابة الكلمات التي يقتضيها العامل على هيئة مخصوصة من الإعراب، والنجار بمثابة المتكلم، وصورة الكرسي إنما استمدها النجار من العرف السائد بين النجارين، كما أن المتكلم يتبع قوانين اللغة التي استخرجت بعد استقراء كلام العرب.
هذا تقريب لمفهوم العامل عند النحويين فلننظر كيف فهم العامل ابن مضاء.
قال ابن مضاء:
وأما القول بأن الألفاظ يحدث بعضها بعضا فباطل عقلا وشرعا لا يقول به أحد من العقلاء لمعان يطول بذكرها ما المقصد إيجازه.
منها: شرط الفاعل أن يكون موجودا حينما يفعل فعله، ولا يحدث الإعراب فيما يحدث إلا بعد عدم العامل، فلا ينصب (زيد) بعد (إن) في قولنا: إن زيدا، إلا بعد عدم (إن). هذا نصه.
وواضح أن يرى أن النحويين يرون أن العامل يحدث بنفسه النصب، كما يشرب الإنسان الماء مثلا. أي فهم هذا الذي فهمه ابن مضاء، وكيف لقي هذا الاهتمام من المحدثين؟ لا أملك إلا أن أقول: فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ثم قال ابن مضاء:
فإن قيل: بم يرد على من يعتقد أن معاني هذه الألفاظ هي الفاعلة؟ قيل: الفاعل عند القائلين به إما يفعل بإرادة كالحيوان وإما يفعل بالطبع كما تحرق النار ويبرد الماء، ولا فاعل إلا الله عند أهل الحق، وفعل الإنسان وسائر الحيوان فعل الله وكذلك الماء والنار وسائر ما يفعل .... وأما العوامل النحوية فلم يقل بعملها عاقل لا ألفاظها ولا معانيها لأنها لا تفعل بإرادة ولا طيع. انتهى كلامه.
أرأيتم كيف أدى بهذا الرجل مذهبه الظاهري إلى أن يرى أن النحاة يرون أن العوامل تعمل كما يعمل الإنسان والحيوان والنار والماء؟
فليكفّ هؤلاء الداعون إلى إلغاء فكرة العامل فإنهم دعاة هدم لعلم أسسه الأجلاء ورفعوا بنيانه قرنا بعد قرن، وليتقوا الله فإن هذا العلم حصن حصين للغة القران والسنة، ولأجلهما نشأ وشمخ بنيانه ورسخت أركانه وسيظل شامخا راسيا لا يضره دعوات الباطل عمدا أو جهلا.
مع التحية الطيبة.
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[10 - 03 - 2007, 10:17 م]ـ
أحسن الله إليك أستاذي الأغر، ولعل مسألة العامل أشغلت كثيرا من ذوي الاتجاهات الفكرية التي تدعو وما تزال إلى تقويض أهم مقومات النحو العربي 00
ولعل ما يشفع لي هنا أن أبين مدى عجز أؤلئك حين تسوق ما يلي بكل بساطة:
حضر زيدا وقدم لمحمدٌ هديةٍ 000!!!!
هل ترى كيف يصرخ أحدهم مشيرا إلى أنك تلغو، وتهذي، وتلقي بالكلام على عواهنه 000؟!! وإن سألتهم لماذا ألغو، وأهذي، يقفون أمامك بكل ثقة: كلامك ليس بكلامنا، فنراك رفعت ما يستحق النصب، ونصبت ما يستحق الرفع 00!! هل ترى كيف يردون الأشياء إلى أصولها 00؟! وكيف يشيرون إلى سياقات مستمدة من قوانين اللغة، والتي نفهمها من خلال استقراء وقياس 00
دمت عاطرا
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[12 - 03 - 2007, 10:23 م]ـ
السلام عليكم ورجمة الله وبركاته
وبعد
فإن المحاوارات العلمية والمناقشات النحوية يرجى منها ومن غيرها الوصول إلى الحق والحقيقة ولا يرجى منها إثارة المنازعات والخصومة والجدال ...
وقد روي عن الشافعي أنه قال ما حاورت أحدا حتى تمنيت أن يجري الله الحق على يديه!!!
وقد ساءني ما كتبه (صالح المطوي) من كلام يقصد به الفتنة وإهانة أحد الأعضاء يقوم بدور "مسعر حرب " .......
علما أنه ليس له ناقة ولا جمل في هذا الموضوع؟؟؟ وما كتبه لا يخفى ضعفه على المتخصصين وبعده عن محور المسألة!!!
¥