ثم عرفتُ من كلامك النفيس واحتجاجك القيِّم أن إعرابهما معمولين للفعل المحذوف رأي صحيح ووجيه، ولا شك عندي في ذلك.
ولكن هل يَنتفي إمكانُ الأخذ بالرأي الأول، ألا يصحُّ الجمع بينهما؟؟ ووبخاصة أنَّ الوجه الأول مشهور عند النحاة والمعربين.
ألا ترى أن الضمير المتصل عندما انفصل عن (كنت) صار أنت في قوله:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر
فأنت اسم لكان المحذوفة والأصل: أن كنت ذا نفر، فقس المستتر على المتصل، لأن المستتر في حكمه
أستاذي الكريم: "أنت" في قولهم: "أما أنت ذا نفر" نابت عن اسم كان الذي هو ضمير متصل غير مستتر (أي له صورة في اللفظ)، بينما الفاعل في الفعل المحذوف بعد "إذا" وهو "تشرب" ضمير مستتر لا متصل (أي لا صورة له في اللفظ أصلا)؟؟، أليس هذا فارقا يمنع القياس؟؟.
ثم إن المستتر إذا قُدر يُقدر منفصلا لا متصلا، أليس هذا فارقا آخر بينه وبين المتصل؟؟.
ألا ترى أننا إذا ثنينا ظهر المستتر، في قولينا: زيد قام، والزيدان قاما، فإذا قلنا: إذا لم تشربا، ثم أردنا أن نحذف الفعل ألا يتحول ألف الاثنين إلى ضمير منفصل فنقول: إذا أنتما لم تشربا؟
سيدي وأستاذي الكريم، إنما قصدي هنا ضميرا المتكلم، والمخاطب المفرد في الفعل المضارع لكون فاعل الفعل المضارع المسند إليهما واجب الاستتار.
أما ما ذكرت ــ أستاذي ــ فلا أشك فيه، ولكن صلته بباب الانفصال والاتصال أكثر، وهو يكون بين المتصل والمنفصل. أما موضوعنا فهو أكثر لصوقا بالاستتار والبروز.
ثم لا دليل على أن في الكلام توكيدا، ثم كيف يذكر التوكيد ويحذف المؤكد، إن في هذا الأمر تناقضا فالتوكيد يناسبه الذكر ويناقضه الحذف، ألا ترى أنه لا يجوز في قولنا: جاء زيد نفسه، أن نحذف زيدا، ونقول: جاء نفسه؟
لدي استفسار أستاذي الكريم: حتى لو ذكرنا الفعل مع فاعله المستتر، ثم أكدناه بضمير منفصل، كما لو قلنا: إذا لم تشرب أنت ... " فبم نعرب "أنت"؟؟، فإن قال لي قائل: هي توكيد للفاعل المستتر، فسأقول له: ولكن المؤكَّد الذي هو الفاعل المستتر لم يُذكرْ، ولا صورة له في اللفظ، والتوكيدُ يناسبه الذكرُ، فهي الحجة ذاتها.
أيمنع ذلك أن نعربه توكيدا لفظيا؟؟. فإذا جاز ذلك هنا، ألا يجوز بعد "إذا"؟؟.
إذنْ، كانت تلكم بعض التعقيبات والاستفسارات حول الموضوع؛ وخلاصة هذه التساؤلات المطروحة:
ألا يجوز مع وجه الفاعلية إعرابُ الضمير المذكور توكيدا لفظيا للفاعل المستتر للاعتبارات السابقة؟؟.
وأعتذر إليك، أستاذي العزيز، فإنها أسئلة ألحت علي، لم أجد بدا من طرحها عليكم، فمنكم نستفيد ونأخذ العلم.