تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الْخُطْوَةِ الأُولَى حَظَّا مِنَ الْمَالِ لِيَسْتَقْوَيَ بِهِ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوءِ لأَدَاءِ فَرِيضَةِ الصَّلاَةِ، أوْ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لأَدَاءِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ، لأَنَّ تَحْقِيقَ الْمَقَاصِدِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى اسْتِخْدَامِ الْوَسَائِلِ بِطُرُقٍ سَلِيمَةٍ. فَكُلُّ وَسِيلَةٍ يَبْتَغِي بِهِ الْعَبْدُ وَجْهَ رَبِّهِ مَوْصُولَةٌ بِمَا يَقْصُدُهُ حُكْمًا وَمَثُوبَةً. وَمِنْ هَذَا الْمُنْطَلَقِ إِذَا رَأَيْتَ زِيَادَةَ النَّفْعِ فيِ دِرَاسَةِ الْهَنْدَسَةِ إِلَى جَانِبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ (وَأَيْقَنْتَ بِوُجُودِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فيِ مَسِيرَتِكَ هَذِهِ مِنَ الطَّاقَةِ والْمَالِ)، فَعَسَى اللهُّ أَنْ يُثْمِرَ جُهُودَكَ وَمَسَاعِيكَ بِخَيْرَاتٍ تَكُونُ لَهَا شَأْنٌ فيِ النُّهُوضِ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفُوزُ أَنْتَ بِهَا شَرَفَ هَذِهِ الدُّنْيَا والْكَرَامَةَ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ تَلْقَاهُ.

وَأَمَّا كِفَاحُ الْعَامِّيَّةِ، فَإِنَّهُ لاَ رَيْبَ أَمْرٌ جِهَادِيٌّ عَظيمٌ، يَتَوَجَّهُ إِلَى كُلِّ ذِي عِلْمٍ بِدَقَائِقِ هَذِهِ اللُّغَةِ الشَّرِيفَةِ - وَهُوَ يَشْعُرُ فيِ قَلْبِهِ بِنَبَضَاتِ الإِيمَانِ بِاللهِ وَالْغَيْرَةِ عَلَى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ يَتَحَمَّلَ الْمَسْؤُولِيَّةَ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الإِرْشَادِ والإِصْلاَحِ فَيُسَاهِمَ فيِ هَذَِهِ الْمَعْرَكَةِ الْمُبَارَكَةِ. إنَّ الْعَامِّيَّةَ فيِ حَقِيقَتِهَا مِنْ أَخْطَرِ الْبِدَعِ والضَّلاَلاَتِ الْمُنتَشِرَةِ، وَالدَّعْوَةُ إِلَيْهَا جِنَايَةٌ عَلَى الإِسْلاَمِ وَخِيَانَةٌ للأمَّةِ، وَمُؤَامَرَةٌ مَاكِرَةٌ تَتَبَنَّى هَدْمَ كِيَانِهَا مِنَ الأَسَاسِ. مَلْعُونٌ مَنْ دَعَا إِلَيْهَا، وَمُنَافِقٌ مَنْ تَهَاوَنَ فيِ حَرْبِ دُعَاتِهَا. وَنَرَى أَنَّ أَدْنَى مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ أَبْنَاءِ الْعَرَبِيَّةِ، إِذَا يَئِسَ مِمَّنْ يَدْعُو إِلَى الْعَامِّيَّةِ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ إِيَّاهُ، فَيَتْلُوَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَات. (النور/26). بَلْ لاَ جُنَاحَ عَلَيهْ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اُمْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ! إِذْ كَانَ مِنْ شَتَائِمِ الْجِيلِ الأَوَّلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إذَا سَبُّوا أَحَدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قالوا: اُمْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ! وَرَدَ فِي كُتُبِ السِّيَرِ أَنَّ قُرَيْشًا بَعَثُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَّةِ إِلىَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَم، عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودِ الثَّقَفِيَّ، فَخَرَجَ حَتَّى أتَاهُ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد! أَجَمَعْتَ أوْشَابَ النَّاسِ ثُمَّ جِئْتَ بِهِمْ إِلىَ بَيْضَتِكَ لِتَفُضَّهَا بِهِمْ؟ إنَّهَا قُرَيْشٌ قَدْ خَرَجَتْ مَعَهَا الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ، يُعَاهِدُونَ اللهَ لاَ تَدْخُلُهَا عَلَيْهِمْ عُنْوَةً أبَدًا؛ وَإِيمُ اللهِ لَكَأَنِّي بِهَؤُلاَءِ قَدْ انْكَشَفُوا عَنْكَ غَدًا!! وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَلْفَ النَّبِيِّ قَاعِداً، فَأَخَذَتْهُ الْغَيرَةُ أَمَامَ هَذَا الْمَوْقِفِ الْمُسْتَهْتِرِ بِكَرَامَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلاَم، فَقَالَ:» اُمْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ! أنَحْنُ نَنْكَشِفُ عَنْهُ؟! «. وَاللاَّتُ: صَنَمُ ثَقِيفٍ، كَانُوا يَعْبُدُونَهُ. فَقَوْلُ أبِي بَكْرٍ» اُمْصُصْ بَظْرَ اللاَّتِ «، مُبَالَغَةٌ مِنْهُ فِي سَبِّ عُرْوَةَ، فَإنَّهُ أقَامَ مَعْبُودَ عُرْوَةَ مَقَامَ امْرَأَةٍ تَحْقِيراً لِمَعْبُودِهِ. وَهَكَذَا مِنْ حَقِّنَا أَنْ نَسُبَّ كُلَّ مَنْ يَنَالُ مِنْ كَرَامَةِ لُغَةِ الْقُرْآَنِ. فَالْعَامِيَّةُ لَيْسَتْ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ فيِ شَيْءٍ. لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِين. (النخل/103).

هَذَا، وأَسْأَلُهُ تَعَالَى: أَنْ يَزِيدَكَ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْم، وَأَنْ يَهَبَ لَكَ الْمَنَاعَةَ والْعِزَّةَ والْكَرَامَةَ فيِ هَذِهِ الدُّنْيَا، وَالْفَصَاحَةَ وَالْبَلاَغَةَ فيِ لُغَةِ الْقُرْآَنِ، والْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ والنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ. اللهمَّ أَمِين ...

وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالىَ وَبَرَكَاتُهُ.

فرِيد صَلاَح الْهَاشِمِي

...

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[05 - 09 - 2010, 11:48 ص]ـ

تالله إنَّ ما جئتِ به أخيَّة وشرفتينا بالقراءة والنهل منه لعظيم، ما أحوجنا إلى مثل تلك الرسائل التي فيه من وسائل البناء والأمل أكثر من وسائل الهدم واليأس، شيخٌ جليلٌ راسلَ شاباً تقيّاً، شابٌ تقيٌّ راسل شيخاً ورعاً عالماً فقيهاً، إنها لرسائل في ثوب نقاشات، فلكم نحن في حاجة حقاً لمثل هذه الرسائل التي تؤدي إلى الوقوف على مشكلاتنا في شتى مناح الحياة وليست في اللغة وحسب، أمة عربية هويتها مهمشة نتيجة ضياع لغتها وانحدارها ولحن المنطوق والمقروء، أمة في حاجة لإحياء هذا التراث الذي تتهافت عليه الشعوب الأخرى، فبعضها يمزقه وبعضها يقدره، وآخرها اسرائيل التي قررت تعليم اللغة العربية قاعدة وفقهاً في مدارسها، العالم من حولنا يتجه دائماً على ما يفيده، ونحن دائماً نفتش على ما يضرّنا، حفظ الله هذا الشيخ الجليل وهذا الشاب المُسلم المثالي، وجزيتِ خير الجزاء أختي الفاضلة على تخصيص الفصيح بتلك الرسائل الجليلة، ورحم الله اسطنبول حاضرة الخلافة الإسلامية العثمانية وسائر بلاد المُسلمين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير