تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أشكر مشرفنا الأستاذ زاهرًا الترتوري على هذا الموضوع الذي حركنا قليلا، ونقلنا إلى جو آخر حيث نسكن، وأقول:

إننا حين ننعم النظر في مقدار التغير الذي وخط حياة الرجل والمرأة ندرك أن المرأة تغيرت بشكل كبير، بل إن تغيرها أكثر من تغير الرجل، فلا زال الرجل يقوم بجل أعماله. نعم، هناك رجال بدلوا جلودهم، ولبسوا جلود النساء، وهناك رجال غيروا جلودهم، ولبسوا مسوك الشياطين والمجرمين، وتغيروا حتى كأنهم ليسوا من البشر لولا أنهم يتكلمون كما يتكلمون، ويأكلون كما يأكلون، وهناك رجال كأنهم لا يشعرون، ولا يحسون، ولا يفكرون، فالحيوان وهم صنوان ومثلان، ولكنهم شذاذ عن بقية الرجال كما أن المرأة التامة صارت في هذا الزمن فردةً شاذةً كالنسب إلى شنوءة شنئي!

وإنك لترى الزوجة التي أتعبت بعلها، وساقت أقدامه، وحركت ظنبوبه سيرا و جريا خلفها وراء الصيحات والموضات وجديد العطورات؛ فمن الحذاء والرداء والأبيض اليقق والأصفر الفاقع والشارة الصارخة والشركات الباهضة، وتجلس مع النساء، وهي من بينهن درة كوكبة يكاد جمالها يضيء كأن عليها مسحة ملك مما أنعم عليها زوجها، وإذا جاء ذكرُ زوجِها عبست وبسرت وأقبلت وأدبرت، وقالت: والله ما رأيت خيرا قط! فلا تلوك لسانها إلا بذم زوجها، وهو الذي فعل من أجلها الأفاعيل والمفعولات، وقدم العوامل والمعمولات!

الحقيقة أن النساء في هذا الزمن شر لا بد منه، ويبدو لي - كما قال أحد الإخوة سابقا - أن الله قد أحب الزوج، فسلط عليه الزوجة لترفع درجته يوم القيامة!

خُلِقت النساء في هذا الزمن لا يتجاوز نظرهن إلا أنفسهن، فهن في الأنانية بمكان لا يصل إليه أحد: تريد كل شيء لها، وكل شيء من أجلها، وكل شيء تريده يجب أن يكون وجوبا سواء أطاق الرجل أم لم يطق. أهكذا تورد يا (سُعْدَى) الإبل؟!

إنها الحقيقة. بل والحقيقة المرة التي لا محيص عنها.

أنا أؤمن بوجود المرأة المثالية، ولكنهن قلائل كحكاية سيبويه – رحمه الله - عن العرب أنهم يقولون: " لم يك، ولا أدر " والأصل أن يقال: لم يكن، ولا أدري!

هي هكذا الزوجة. أفتريد أن تجمع حمقاء إلى حمقاء، وهما إلى هم، وتعبا مع تعب، وإرهاقا مع إرهاق؟!

إن الزوجة الثانية التي تخطب ودها، وتأمل قربها مثل الأولى تماما أشبه منها الماء بالماء والهواء بالهواء، والنتيجة أن دمك سيتفرق بينهما، وجهدك سيضيع، وتركيزك سيقل؛ فلا أنت مع العير ولا النفير!

وهل تريد أن تضع حياتك بيد الصدف، وتجازف بها؟!

وهل نكد الأولى هو السبب للزواج من الثانية؟

هل جهل الأولى هو سبب الزواج من الثانية؟

هل سوء الأولى هو السبب من زواج الثانية؟

هل الشهوة الجنسية هي السبب من الزواج بالثانية؟

هل القدرة المالية هي السبب من الزواج بالثانية؟

هل قلة جمال الأولى السبب من الزواج بالثانية؟

هل هذا كله هو سبب الزواج من الثانية؟

إذن كيف اخترتَ زوجتك؟ وعلى أي أساس تقدمتَ لخطبتها؟ وما الذي دعاك لطرق باب أهلها؟!

أرى أنه لا تكفي القدرة الجنسية والمالية والعدل للزواج من الثانية أبدا، ومتى نفرغ للعقل والكتاب؟ متى نفرغ للتأمل والتفكير؟ متى نشعر بأولادنا؟ متى نشعر بقيمة الحياة؟ متى نتفرغ لدواخلنا لأنفسنا لقلوبنا لتطلعاتنا؟!

أرجوكم أنا لا أدعي المثالية أبدا أبدا، ولكنني أفكر بواقعية جادة فقط.

إن الزواج من الثانية شغل متصل، وهم لا ينقطع، وألم لا ينتهي؛ فأنت مشتت الطرق متعدد الآلام والأولاد، وقلّب بصرك يمينا وشمالا. ولقد رأينا المعددين فوجدناهم - إلا من رحم الله - منساقين للشهوة الجنسية فقط.

أيها الأحبة، إنكم حين تنظرون إلى الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين – يجب أن تعرفوا تماما ثقافة ذاكم الجيل، وصبر ذاكم الجيل، وفقه ذاكم الجيل، وعلم ذاكم الجيل، وحلم ذاكم الجيل، وطريقة حياة ذاكم الجيل، وأمورا خص الله – تعالى اسمه وجل – بها ذاكم الجيل وحده. فقياس الجيل السابق بنا أرى أنه إجحاف سواء كان القياس بالرجل أو المرأة؛ فإن قلتَ: أريد زوجة كعائشة، فإن المرأة – أيضا – تقول: أريد زوجا كمحمد – صلى الله عليه وسلم -.

أيها الزوج،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير