تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وصُنْع المعروف مِن أهمِّ خِصال السعادة التي يغفُل عنها الناس، وينطبق هنا ما ذكرْناه في الابتسام، ونَزيد عليه بألاَّ يحقر الإنسانُ شيئًا من المعروف والخير، فيُساعد المحتاج، ويُغيث الملهوف، ويَعود المريض، ويُرشِد السائل، ويَصنع لأخرقَ، ويسمع الأصمَّ، ويَتصدَّق على المحتاج، ويَبذل كلَّ معروف يستطيعه.

وفوائد هذه الأعمال:

أنَّها تعود على صاحبها بالسعادة؛ لأنَّه يشعر بقِيمته في الحياة، ويحسُّ بأنَّ له دورًا يؤدِّيه، وواجبًا يقوم به، وأنه ليس هملاً، ولا متاعًا زائدًا عن الحاجة؛ لأنَّ الشعور بانعدام القِيمة، وعدم الأهميَّة سببٌ مِن أعظم أسباب الأمراض النفسيَّة، وخاصَّة الاكتئاب؛ حيث ينغلق الإنسان على نفسه، ثم ينطوي على مآسيه، ولا يزال يجتر أحزانه، والشيطان عن يمينه وشماله، ومِن فوقه وتحته، يُحزنه ويُقنِّطه؛ حتى يقع مريضًا لا فائدةَ فيه، أو منتحرًا خسِر دنياه وآخرته.

5 - صِلة الرحم: لا شكَّ ولا مِرية أنَّ صلة الرَّحِم من أعظم المعروف الذي ذكرْناه في السبب السابق، ولكنَّها تَزيد عليه في أنها واجبةٌ، وهي سببٌ في الغِنى وطول العمر؛ كما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أحبَّ أن يُبسَط له في رِزْقه، وأن يُنسأَ له في أثَره، فلْيَصلْ رَحِمَه)).

ولا شكَّ أنَّ بسْطَ الرزق مِن أعظم الأشياء التي يسْعَى لها الإنسان، بل لو قلنا: إنَّ أعظم أسباب التعاسة في أيامنا هذه هو الخوفُ مِن الحاجة والفقر، لكنَّا محقِّين، فهلاَّ وصلتَ رَحِمَك، وقمتَ بحقهم؛ حتى تدخلَ السرور عليهم، وتسعد نفسك، فواللهِ لَرِيالٌ تنفقه في صِلة رحمك أرْجى في أرباحه مِن ألف ريال تاجرتَ به؛ ابتغاءَ الرِّبْح.

ومع ذلك، فإنَّ صِلة الرحِم تؤدِّي بك إلى أمور أخرى من أسباب السعادة، مثل: الابتسام وقضاء الحاجات، وإفشاء السلام والأمر بالمعروف، ونشْر العِلم، وغير ذلك من أمورٍ لا تحصل إلا بالاجتماعِ مع الأقارب والأرْحام.

6 - المحافظة على صلاة الجماعة، وبخاصَّة صلاة الفَجْر في وقتها مع الجماعة: جاء في الحديث: أنَّ ((مَن صلَّى الفجر في جماعة، كان في ذِمَّة الله حتَّى يمسيَ))، فما ظنُّك بإنسان في حمايةِ الله ورعايته؟!

وجاء في حديث آخَرَ: أنَّ ((مَن أصبح والآخرةُ همُّه، جمَع الله عليه شَمْله، وأتتْه الدنيا وهي راغمة))، ولا شكَّ أنَّ من قام لصلاة الفجر ممَّن أهمتْه آخرتُه، وسعى لها، ومع كلِّ ما سبق، فإنَّ قرآن الفجر كان مشهودًا؛ حيثُ تشهده الملائكة، فقل لي بربِّك: كيف تكون حالُ مَن أدرك هذا؟!

7 - المداومة على ذِكْر الله: وخاصَّة أذْكار الخروج من البَيْت؛ لأنَّ أكثر أسباب الهمِّ والقلق والضِّيق مِن الشيطان، فإذا بدأ الإنسانُ يومَه بذِكْر الله، وكان أوَّل ما يقوله عند خروجه مِن البيت كما جاء في الحديث: ((بسمِ الله توكلتُ على الله، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله، قال الملَك: كُفيتَ وهُديتَ ووُقيتَ، فإذا سمع الشيطان ذلك تنحَّى، وقال لصاحبه: كيف لك برجلٍ كُفِي وهُدِي ووُقِي؟!)).

وذِكْر الله - عزَّ وجلَّ - دواءٌ للقلوب؛ قال - تعالى -: ? أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ? [الرعد: 28]، وأعظم ذلك القرآن، فهو شِفاءٌ لِمَا في الصُّدور، وهو رحمةٌ للمؤمنين، وشفاء لأمراضهم النفسيَّة والبدنية، إذا كانوا ممَّن آمَن به واتَّبعه، وأنت واجدٌ أنَّ أكثر المصابين بالأمراض النفسية ممَّن لا يرفع بالقرآن رأسًا، وأقل الناس ضيقًا ومرضًا نفسيًّا هم العلماءُ الربَّانيُّون، وحَمَلة القرآن.

8 - الاستغفار: وذلك أنَّ كثرة الاستغفار تحطُّ الخطايا، التي هي أكبرُ أسباب الشَّقاء وضِيق الصَّدر.

9 - الاغْتسال بالماء الباردِ في أيَّام الصيف: ولذلك أثرٌ عجيبٌ في حصولِ السَّعادة مؤقَّتًا، وبشكل عاجِل، فالاغتسال مِثلُ المسكن المؤقَّت، سريع المفعول (البنادول)، ولابن تيمية كلامٌ جميل في تفسير سببِ ذلك.

10 - الصَّدقة ولو بالقليل: كلَّما تيسَّر ذلك، واحرصْ على أن يكون ذلك في الصباح الباكِر، وفي أوَّل المساء؛ لتوافقَ دعاء الملائكة للمنفقِين: ((اللهمَّ أعطِ منفِقًا خلَفًا)).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير