تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قالت: خذ هذي الملابس وروحوا الآن للمدرسة ... وأخرجتني من الغرفة وأقفلتها!!!

قدم المعلمون والطلاب للمدرسة ..

قلت لياسر بعد أن أدركت عمق المعاناة والمأساة التي يعيشها مع أخيه: لا تخرجا للطابور ..

وسأعود إليكما بعد قليل!!

خرجت من عندهما .. وأنا أشعر بألم يعتصر قلبي .. ويقطع فؤادي!!

ما ذنب الصغيرين!؟

ما الذي اقترفاه!؟

حتى يكونا ضحية خلاف أسري .. وطلاق .. وفراق!!

أين الرحمة!؟

أين الضمير!؟

أين الدين!؟

بل أين الإنسانية!؟

أسئلة وأسئلة ظلت حائرة في ذهني!!

سمعت عن قصص كثيرة مشابهة .. قرأت في بعض الكتب مثيلاً لها .. لكن كنت أتصور أن في ذلك نوع مبالغة حتى عايشت أحداثها!!

قررت أن تكون قضية ياسر وأيمن .. هي قضيتي!!

جمعت المعلومات عنهما.

وعن أسرة أمهما ... وعرفت أنها تسكن في الرياض!!

سألت المرشد الطلابي بالمدرسة عن والد ياسر وهل يراجعه!؟

أفادني أنه طالما كتب له واستدعاه .. فلم يجب!!

وأضاف: الغريب أن والدهما يحمل درجة الماجستير ..

قال عن ياسر: كان ياسر قمة في النظافة والاهتمام ... وفجأة تغيرت حالته من منتصف الصف الثالث!!

عرفت فيما بعد أنه منذ وقع الطلاق!!

حاولت الاتصال بوالده .. فلم أفلح .. فهو كثير الأسفار والترحال ..

بعد جهد .. حصلت على هاتف أمه!!

استدعيت ياسر يوما إلى غرفتي وقلت له: ياسر لتعتبرني عمك أو والدك .. ولنحاول أن نصلح الأمور مع والدك .. ولتبدأ في الاهتمام بنفسك!!

نظر إليَّ ولم يجب وكأنه يستفسر عن المطلوب!!

قلت له: حتماً والدك يحبك .. ويريد لك الخير .. ولا بد أن يشعر بأنك تحبه ... ويلمس اهتمامك بنفسك وبأخيك وتحسنك في الدراسة أحد الأسباب!!

هزَّ رأسه موافقاً!!

قلت له: لنبدأ باهتمامك بواجباتك .. اجتهد في ذلك!!

قال: أنا ودي أحل واجباتي ... بس زوجة أبوي تخليني ما أحل!!

قلت: أبداً هذا غير معقول .. أنت تبالغ!!

قال: أنا ما أكذب هي دايم تخليني اشتغل في البيت وأنظف الحوش , , ,!!

صدقوني ... كأني أقرأ قصة في كتاب!!

أو أتابع مسلسلة كتبت أحداثها من نسج الخيال!!

قلت: حاول أن لا تذهب للبيت إلا وقد قمت بحل ما تستطيع من واجباتك!!

رأيته ... خائفاً متردداً .. وإن كان لديه استعداد!!

قلت له (محفزاً): ياسر لو تحسنت قليلاً سأعطيك مكافأة!!

هي أغلى مكافأة تتمناها!!

نظر إليَّ .. وكأنه يسأل عن ماهيتها!!

قلت: سأجعلك تكلم أمك بالهاتف من المدرسة!!

ما كنت أتصور أن يُحْدِثَ هذا الوعد ردة فعل كبيرة!!

لكنني فوجئت به يقوم ويقبل عليَّ مسرعاً ... ويقبض على يدي اليمنى ويقبلها وهو يقول:

تكف .. تكف .. يا أستاذ أنا ولهان على أمي!!

بس لا يدري أبوي!!

قلت له: ستكلمها بإذن الله شريطة أن تعدني أن تجتهد .. قال: أعدك!!

بدأ ياسر .. يهتم بنفسه وواجباته .. وساعدني في ذلك بقية المعلمين فكانوا يجعلونه يحل واجباته في حصص الفراغ ....

أو في حصة التربية الفنية ويساعدونه على ذلك!!

كان ذكياً سريع الحفظ .. فتحسن مستواه في أسبوع واحد!!!

(صدقوني نعم تغير في أسبوع واحد)!!

استأذنت المدير يوماً أن نهاتف أم ياسر .. فوافق ...

اتصلت في الساعة العاشرة صباحاً .. فردت امرأة كبيرة السن ..

قلت لها: أم ياسر موجودة!!

قالت: ومن يريدها؟

قلت: معلم ياسر!!

قالت: أنا جدته .. يا ولدي وش أخباره .. حسبي الله على اللي كان السبب .. حسبي الله على اللي حرمها منه!!

هدأتها قليلاً .. فعرفت منها بعض قصة معاناة ابنتها (أم ياسر)!!

قالت: لحظة أناديها (تبي تطير من الفرح)!!

جاءت أم ياسر المكلومة .. مسرعة .. حدثتني وهي تبكي!!

قالت: أستاذ .. وش أخبار ياسر طمني الله يطمنك بالجنة!!

قلت: ياسر بخير .. وعافية .. وهو مشتاق لك!!

قالت: وأنا .. فلم أعد أسمع إلا بكاءها .. ونشيجها!!

قالت وهي تحاول كتم العبرات: أستاذ (طلبتك) ودي أسمع صوته وصوت أيمن .. أنا من خمسة أشهر ما سمعت أصواتهم!!

لم أتمالك نفسي فدمعت عيناي!!

يا لله .. أين الرحمة؟

أين حق الأم!؟

قلت: أبشري ستكلمينه وباستمرار .. لكن بودي أن تساعدينني في محاولة الرفع من مستواه .. شجعيه على الاجتهاد ... لنحاول تغييره .. لنبعث بذلك رسالة إلى والده!!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير