تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لطفاً معلمي معلمتي هل تعلم من أنت في حياتي؟

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[23 - 09 - 2009, 04:01 ص]ـ

لطفاً معلمي معلمتي

هل تعلم من أنت في حياتي؟!

كان أحد أساتذة علم الاجتماع بإحدى الجامعات قد قرر عمل

تقرير عن حالة مائتي شاب يسكنون في حي فقير والبحث في ظروف التنشئة والبيئة وأثرهاعلى النجاح والانجاز فطلب من طلابه الإضلاع بالأمر، فذهبوا إلى هناك واطلعوا علىالأوضاع ثم قدم كل منهم تقريره

ولكن كان الملاحظ إنهم جميعا ختموا تقاريرهم عن هؤلاء الشبان

الفقراء بنفس العبارة وهي عبارة تقول:

" ليس لديه فرصة للنجاح في الحياة "

ثم بعد مرور خمس وعشرين سنة قرر أستاذ آخر في علم اجتماع آخربمتابعة نتائج التقرير فأمر طلابه بالذهاب لنفس الحي الفقير ومتابعة أحوال الشبان وتقصي إخبارهم، فذهبوا ووجدوا إن الغالبية العظمى من أولئك الشباب قد أكملواتعليمهم بل واعتلوا مناصب ووظائف مرموقة في المجتمع! ..

كانت مفاجأة أذهلت الأستاذ فقرر إن يذهب بنفسه ويستطلع أسباب

هذا التفوق غير المتوقع في بيئة وظروف لا تشجع عليه .. فاجري استطلاعا آخر .. وتم

سؤال كل منهم:

" كيف استطعت تحقيق النجاح؟ " وكانت إجابة الجميع واحدة:

" لقد كانت

هناك معلمة قديرة."

وكانوا جميعا يقصدون معلمة بعينها، فقرر الأستاذ الذهاب إليها، ولحسن الحظ كانت هذه المعلمة لاتزال على قيد الحياة، فلما وصل إليها الأستاذ وجدأمامه امرأة عجوزا نشطة تشع بالحياة والأمل، فتقدم إليها وسألها عن الوصفة السحريةالتي انتشلت هؤلاء الشبان من ضياع الفقر إلى طريق التفوق والانجاز؟

فقالت:

" إن الأمر في منتهى البساطة فلقد أحببت هؤلاء الطلاب".

ومن معلمة الحي الفقير إلى معلمة أخرى في إحدى الثانويات،جمعت هذه المعلمة تلاميذها و تحدثت إليهم عن أهمية أن " يصنع كلٌ منهم فارقا "،الفارق الذي يحسّن من حياة الشخص و حياة الآخرين من حوله

وكتطبيق عملي للمسألة أعطت كل واحد منهم ثلاثة أشرطة زرقاءمكتوب عليها بأحرف ذهبية:

(من أنا؟ - هذا ما يصنع الفرق) وأمرتهم أن يعطي كل

منهم شريطا لمن يرون أنه يدين له بالفضل ثم يشكره ويعلق الشريط على صدره كوسام محبة وعربون وفاء، ثم يعطيه الشريطين الآخرين أحدهما ليهبهما لمن يدين له هو أيضا بالفضل فواحد يعلقه على صدره ويشكره والآخر يهبه صاحب الفضل هذا لشخص صاحب فضل عليه

وهكذا حتى تكبر دوائر العرفان والإحساس بالجميل .. ثم طلبت منهم أن يتقصوا أخباروأثار الشريط ويكتبوها في تقارير تقدم إليها كواجب مدرسي ..

وبالفعل انطلقوا للتنفيذ وهم في قمة الحماس والتفاعل ..

وكان أحد هؤلاء التلاميذ تربطه علاقة عمل بموظف تنفيذي في شركة مجاورة فقام بتقديم الشريط له وعلقه على صدره ثم شرح له الأمر وطلب منه أن يعطي

الشريطين الآخرين لشخص ثالث يدين له بالفضل ..

فتقبل الموظف الوسام ببهجةٍ وغبطة ثم ٍجلس يفكر فيمن يمكن أنيقدم له شريط الفضل والامتنان؟ .. وكان لديه مدير معروفا بسرعة الغضب و كثرةالتذمر .. فقرر أن يهبه الشريط ويرى مدى تأثير الأمر عليه!

فذهب إليه وقدمه إليه واخبره بمدى اعترافه بجميله عليه وانه

لطالما رآه شخصا عبقريا مبدعا ... تعجب المدير وبدا مذهولا، فلم يكن يتوقع ذلك،ثم أعطاه الموظف الشريط الأخير وطلب منه أن يعطيه لمن يحب ممن يدين لهم بالفضل ..

ظل المدير متعجبا مبتهجا وفي نفس الوقت يفكر فيمن يمكن أن يهبه

الشريط؟ ... ثم قرر أخيرا أن يعطيه لابنه المراهق ذي الأربع عشرة عاما

قال المدير لابنه:

(يا بني كل يوم أعود من عملي متوترا غاضبا فأصرخ في وجهك لعدم حصولك على علامات عالية بالمدرسة أو لعدم ترتيبك غرفتك، ولاأمنحك الاهتمام الكافي، ولا الرعاية المطلوبة، لكني اليوم قررت أن أعلمك انك فعلاصنعت فارقا في حياتي، فأنت وأمك أهم شخصين في حياتي،وأنت ولد طيب وأنا أحبك)

بكى الولد وانتحب بشدة وارتعد جسده وهو ينظر إلى والده ثم قال

له:

(هل تعلم يا أبي أني كنت أنوي الإنتحار لأني كنت أظن انك لا تحبني؟!

أماالآن فلا داعي لذلك!).

انتهت القصة

ولكن دور المعلمين والمعلمات لم ينتهِ ولن ينتهي

فبمثل هؤلاء المعلمين والمعلمات يصبح للكلمات المسطورة معاني مجسدة تُبعث فيها الروح فنراها حقيقة ماثلة أمامنا تملأ أعيننا وتعطر وجودنا ..

قد فطنوا وعرفوا أن التعليم زرع لا يكبر ويشتد عوده إلا إذا سُقي بمياه المحبة وسطعت

عليه شمس الإخلاص ثم تُعهد بأيدي الرعاية والمتابعة، حتى يورق بأزهار العمل و يثمربثمار الإبداع ويُشذي بعطر النجاح ..

وعلى النقيض من هؤلاء نجد في دروب الحياة من قعد عن مواصلة التعلم بسبب معلم شتم وأهان أو معلمة ظلمت وتعدت

فما من شك أن جدران الفصل الأربعة التي تحوي أجواء الإبداع وأثير الطاقة .. يمكنها أيضا أن تكون غياهب القهر والظلمة ..

وأنا هنا لا أغفل عن دور المتعلم فهو عليه المرتكز الأكبر في التطبيق والتعلم ..

وقلبه وعقله هما إناؤه الذي إن شاء أتى به مفرغاً فملأه علماً وحكماً ثم غطاه بغطاء الأدب، وان شاء أتي به مملوءا بمشاكل تموج بها حياته .. أو شهوات تعصف في وجدانه، أوأفكارتدور في رأسه .. فلا يبقى بعد ذلك مكان لكلمةٍ تُسمع أو خطرةٍ تُلهم .. فالإناء ممتلئ والعقل منصرف والقلب مشغول .. فأنى له أن يتعلم!؟

فيا معلمينا ويا أبناءنا وبناتنا هلا توقفنا هنا وحللنا معضلاتنا

فقد باتت مسودة أمانينا .. مظلمة أيامنا .. شائكة دروبنا ..

نتوجس من أيام حاضرنا، ونخاف من تربص الغد بنا ..

فما أمسى في الأمم أمة إلا وقد تداعت

علينا لتنهشنا وتُنهينا ..

ولا سبيل لصدهم إلا يقظةً نهب بها من

نوم الغفلة ونقطع بها حبائل التخاذل والوهن.

هنيدة شفي

مدربة في التنمية البشرية

(من بريدي)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير