[من واقع عملي]
ـ[علي مخلوف الفرجاني]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 11:36 م]ـ
:::
[من واقع عملي]
ما أجمل أن يوقظك آذان الفجر، وما أروع أن تكون أولى الكلمات التي تدخل مسامعك هي (حي على الصلاة، حي على الفلاح).
وبعد الصلاة، تقلب ناظريك بمرأى دفاترك وأوراقك، استعدادا للذهاب إلى مدرسة .... ، وسأتعرف على المعلم فلان أو المعلمة فلانة.
أخبرتني ساعتي أنها ستشرف بعد دقائق معدودة على التاسعة، لقد أزف موعد اللقاء، رحلت إلى تلك المدرسة، ألقيت السلام مشافهة على من قابلني معلمون أو معلمات أو طلبة أو عاملون بالمدرسة
وألقيت عصا التسيار في مكتب الشؤون الإدارية بالمدرسة
مرحبا .. كيف الحال؟
مرحبا .. أستاذ، كيف حالك أنت؟
اليوم جئت لزيارة المعلمة .........
نعم .. نعم، عندها الحصة الثانية في فصل ... / ...
أعرف ذلك
بدأت اقلب بعض أوراقي ريثما يدق جرس تلك المدرسة بصوته الذي يوقظ الوسنان؛ ليعلمني بأن الحصة الثانية قد بدأت، في هذه الأثناء – بارك الله فيهم – أحضروا لي كوب شاي أخضر (طويسة)، لتغطي رقعة المسافة التي تفصلني لمصافحة الحصة الثانية.
تكرم أخيرا الجرس بان أسمعني صوته، نهضت نهضة الرئبال، متجها إلى الدور الثاني بالمدرسة، حيث الفصل (مكان عملي الميداني)، فقرأت السلام على الجميع المعلمة وطلابها، ثم اتخذت مكانا لي في أحد المقاعد الخلفية جال نظري بنظرة بانورامية نحو المكان و السكان، ثم دونت المعلومات التوثيقية كاسم الدرس و المادة و التاريخ واليوم و الفصل و الحصة و التخصص ..... إلخ.
كان الدرس من مادة الصرف وعنوانه (المصادر الرباعية)، بعد كتابة المعلمة للأمثلة التي تخص الدرس بدأت في رحلة الشرح، ولقد كان الشرح حسنا.
ولكن ما لفت عقلي في حديث المعلمة هي عبارة قالتها أغرتني هذه العبارة بتسجيلها حرفيا وهي (المصدر الرباعي من الفعل - أفعل - يأتي منه المصدر على وزنان)
فكتبتها في كراستي في لمح البصر خوفا من أن يطويها النسيان، ثم بعد ذلك تحاورت مع الطلبة لتقييم مستوى تحصيلهم، وما لبث الجرس أن رن كعادته معلنا وفاة الحصة الثانية ومجيء خليفتها الحصة الثالثة، طلبت من المعلمة أن توافيني في مكتب الشؤون الإدارية لإبداء الملاحظات على أدائها، ونزلتُ إلى حيث المكتب.
جلست على الكرسي وبعد هنيهة أقبلت المعلمة وباكورة كلماتي كانت الشكر على العطاء،و الثناء على العناء، ثم أخرجت تلك العبارة التي كنت قد سجلتها وقلت لها: ما رأيك في هذه المعلومة التي اقتبستها حرفيا من حديثك في أثناء الشرح؟
ابتسمت المعلمة ابتسامة يعلوها الخجل، وكأنها مستعدة لهذه المفاجأة، وقالت: على وزنين، فكان ردي لطيفا: جميل .. جميل
وأخمدتُ ما في جعبتي من كلمات و أضمرتها ولو أخرجت لهيبها؛ لشعرت المعلمة بالذنب طيلة مدة تدريسها أو على الأقل طيلة سماعها باسمي أو رؤيتها لي في أثناء الزيارات التفتيشية لها ولباقي المعلمين و المعلمات.
وأقل شيء كنت سأنطق به هو أن معلم اللغة العربية حتى ولو كان يهذي (يخترف) في نومه لقالها (على وزنين) وليس (على وزنان)، ولكن بعد أن أحسنت المعلمة بالاعتراف بخطئها، فكان عليّ أن أحسن في العفو، من ثم انتقلت إلى الحديث عن مثالبها و مناقبها في جوانب تدريسها المتعددة.
بموقفي هذه، أكون قد أزعجت بعض المفتشين الذين يتدخلون للتصحيح فور وقوع المعلم في الخطأ في أثناء تأديته للعملية التدريسية داخل الفصل، هذا وإن ظن بعض المفتشين أن لهذا التدخل جوانب إيجابية فإنني أرى أن ضرره أكثر من نفعه.
فمن سلبياته انه يضر بسمعة المعلم أمام طلابه ويجعله محط سخرية عند الطلبة ويفقدون الثقة به بسبب هذه الهفوة التي قد تقع من أي مشتغل بحقل التعليم، فمن منا لا يخطئ، وإنما الخطأ في تكرار الخطأ، هنا يبرز دور التوجيه الصحيح، ولا ننسى أن النصح أمام الملأ هو نوع من التقريع و التوبيخ، ولا يقصد به الإصلاح بقدر ما يترجم به بعض الأهواء.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 11:49 م]ـ
أهلا بك في شبكة الفصيح، ومرحبا بك وسهلا.
أحسنت وبارك الله فيك على حسن التعامل، وبمثل ذاك تتقدم الأمم، وتستنير بصائرها.
ولا ننسى أن النصح أمام الملأ هو نوع من التقريع و التوبيخ، ولا يقصد به الإصلاح بقدر ما يترجم به بعض الأهواء.
كأنك تشير إلى أبيات الإمام الشافعي - رحمه الله -
تَعَمَّدني بِنُصحِكَ في اِنفِرادي .. وَجَنِّبني النَصيحَةَ في الجَماعَه
فَإِنَّ النُصحَ بَينَ الناسِ نَوعٌ .. مِنَ التَوبيخِ لا أَرضى اِستِماعَه
فَإِن خالَفتَني وَعَصِيتَ قَولي .. فَلا تَجزَع إِذا لَم تُعطَ طاعَه.
فبارك الله فيك.
ـ[علي مخلوف الفرجاني]ــــــــ[10 - 12 - 2008, 12:00 ص]ـ
فعلا .. أديب لبيب
أشكرك على نبل الفاظك و جمال معانيك
وإضافتك الطيبة التي أثرت الموضوع
وأشكرك أيضا على تحملك عناء قراءة الموضوع و التعليق عليه
¥