تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تّتمّة المُعَلِّم المَسْؤول وَنقيضهُ الكَسول

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[13 - 05 - 2009, 01:57 م]ـ

تّتمّة المُعَلِّم المَسْؤول وَنقيضهُ الكَسول

جلس الكسول على كرسيّه .. وقد تخيّل أنه كرسي العرش .. فراح في أحلامه الشبابيّة الفاسدة .. وعقله المتجمد كلحم الضأن في ثلاجة تبريد تحفظه وتحفظ بقية الأطعمة .. وفي الأغلب إن ما بداخلها من مأكل ليسد حاجة المعدة فبه المنفعة لبني الإنسان .. أما عقله فهيهات .. جلس وقد تمنّى انقضاء تلك الحصة التي أرهقته كثيرا .. فقد كتبَ وعلى غير العادة بضع كلمات .. بالإضافة إلى أنه قد كلف لسانه بنطق بضع كلمات أيضا .. فنظر إلى ساعته المرصعة بالجواهر .. وجدها متسخة .. فأخرج منديلاً معطراً ووضع بعضاً من ريقه ليجعل الساعة في أبهى صورة ..

فابتسم بسمة مهرول من الحرب .. يظن أنه قد انتصر .. فقال: دقيقتان وسأذهب إلى بيتي .. دقيقتان وأذهب إلى النوم .. قد كان يوماً طويلا .. وفجأة وفي مشهد ٍ يقل حدوثه .. دخل عليه بطلعة بهية تُشبه طلعة البدر على عتبات الأيام البيض .. وكمستهل الفجر وغسقه لشروق الشمس .. دخل المُعلم المسؤول .. بين لهفة وشوق لعقول طلابه وقلوب طلابه وضحكات وهمزات طلابه .. وبين تراجعه وخشيته احتراماً .. لهذا المعلم الذي لم يزل يجلس على مقعده في الفصل .. لأن الجرس لم يعلن انتهاء تلك الحصة بعد .. لكن أخيه الكسول أشار إليه أن اقترب .. وبصوت مثرثر .. وبحركات بهلوانية تُشبه لاعب السيرك الأكروباتي .. لملم أوراقه المهرولة وكشكولة الأسير .. فوضع كل ما يملك من أداة غش التي هي من المفترض أن تكون أداة عشق للعلم في حقيبته الاستثنائية .. فعلى ما يبدو أنها مصنوعة من جلد الماعز .. وأنه انتقاها خصيصاً .. لتذكره بلحم الماعز " فهو يحبه كثيراً " فضلاً على أنها لا تصلح إلا لوضع الأطعمة بروائحا الزكية .. حيث تذكر المرء فور اختراقها للجيوب الأنفية ومداعبة حاسة الشم .. " بالفتة المصرية أو الكبسة الخليجية " أو الكبة الشامية .. وتلك الحقيبة دائماً تُشير إلى المعدة دون العقل .. المعلم المسؤول استجاب لرغبة نقيضة .. في أن ينصرف قبل إطلاق جرس الرحمة .. " هكذا هو عند أخانا الكسول " .. وحين وضع اقدامه على بلاط الفصل الملكي .. أعني بلاط الفصل التعليمي .. انتفض من مقعده كل طالب .. وأطلّ لمعلمه كل مغترب يائس بائس من العلم وأهله .. ووقف الجميع ورسمت على وجوههم بعد تلق الإشارة القلبية بسمة أبدية .. ولسان حالهم .. هذا مُعلمنا المسؤول فأفيقوا يا أولاد .. وقبل انصراف المُدعي الكسول .. قال .. تعال تعال شرّف واستلم .. الطبشور واستلم الأمانة الكبيرة التي على أعناقنا .. وانظر إلى ضجيجهم الذي يُشبه خرير الماء .. فقال له المسؤول: وأين ضجيجهم هذا يا رجل إنهم كالنسمة في ربيع باهر .. وها أنت قد شبهتم بالخرير .. وخرير الماء من أجمل الأصوات التي قد يسمعها أي امرىء في حياته .. فقال الكسول .. لا تتفلسف عليَّ فإن عقلي في منتصف حلقي .. وإن روحي في أطراف أصابعي .. وقد كانوا على غير هذا الحال منذ قليل .. وسبحان الله يوم دخلتَ عليهم استقام وجههم بعد استدارة .. وهدأ صوتهم بعد ارتفاعا .. فقال له المسؤول .. يا عزيزي أنه الحب يصنع مالا تصنعه تلك العصا التي بيديك .. فقال الكسول .. أي عصا إنها لا تهش ولا تنش .. فلا يوجد في هذا الكون من يصلح مع هؤلاء الفتية الملاعيين .. فقال المسؤول وعلى وجهه ابتسامة سخرية .. هؤلاء ليسوا ملاعيين إنما مؤمنين .. فهم يميزون بين الصالح والطالح .. بين الحب والكره .. وهذا ما لا تراه أنت .. وكما أخبرتك بالحب تصنع كل شىء .. انظر إن وقفتهم تلك حباً وليس كرها .. وهذا الهدوء احتراما وليس خوفا .. فقال الكسول في آخر كلمة .. لا لا .. يبدو أن لا تفاهم معك سوف تعطلني عن الذِّهاب فاغرب عن وجهي فأنا وقتي من ذهب .. فقال المسؤول .. هيَّا تفضل .. أما أنا فوقتي من وقت هؤلاء الفتية .. فمتى يملّون أرحل ومتى يستمتعون بالعلم أكون .. فضحك الكسول وولى .. وأشار المسؤول أن اجلسوا سلام الله عليكم .. وأول ما كتبَ .. بعد محو آثار الصفحة القديمة للمعلم السابق .. أن بسم الله الرحمن الرحيم .. ومن يتق الله يجعل له مخرجا .. هيَّا يا أحبائي .. وجهوا عقولكم إلى صفحة المدينة الصبّورية لنتدارس معالمها ونعرف مكانتها .. في تاريخ الدولة السورية ونقف عند إرثها الثقافي والتراثي .. فنناقشه ..

وهكذا فكل الطلاب لا شارد فيهم ولا مهموم .. لا مرهق ولا متعب .. لا كاره فيهم ولا مجبر .. الكل في حالة نشوة وتلق لكل ما يقوله هذا المعلم المسؤول .. انتهي ..

ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[13 - 05 - 2009, 02:06 م]ـ

كلمة عابرة

قد يحتاج طريق النجاح المُستقبلي للأشخاص والأمة بأكملها .. إلى الصبر على تلك الواقعيات التي انتشرت بيننا والتي بعضها قد استوطن وأصبح عاديا .. لهذا فلا تقلق ولا تغتم بل حاول قدر المستطاع بناء جسراً بينك وبين هؤلاء الذين لا يهتمون بأمر أنفسهم ولا أمتهم .. فأزح من طريق هذا الجسر اليأس وأبدله بالأمل والتسرع وأبدله بالصبر .. والكره حتى وإن كان للصنف الذي ذكرنا وإبدله بالحب .. والمقاطعة أبدلها بوصل .. لعل هذا يؤثر في عقول وقلوب من جاز فيهم وتشبهوا بالمعلم الكسول .. لعلهم يتحولون إلى مسؤولين جميعا .. وكما يقول الله عز وجل في محكم آياته .. لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا ..

لأن السبب أحيانا قد يكون أننا ننفر تلك الفئة منّا فتزداد سوء فالنجرب العكس إذاً ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير