[هل أنت قدوة حسنة لأطفالك؟؟]
ـ[سمية ع]ــــــــ[30 - 11 - 2008, 11:30 ص]ـ
:::
السلام عليكم معشر المربين الأفاضل ورحمة الله وبركاته:
في الحقيقة أنا ما زلت أعتبر نفسي قليلة الخبرة في مجال التعليم، لذا أعمد دائما للبحث والإستفسار من ذوي الخبرة حتى أصبح معلمة ناجحة مربية لأجيال صالحة. المهم في غمرة هذا البحث وجدت هذا الموضوع الواضح من عنوانه "القدوة الصالحة" يحكي واقعنا بالضبط لذا وضعته بين أيديكم:
size="4"] يُحكى أنّ في قديمِ الزّمانِ كانَ رجلٌ يُريدُ أنْ يخرجَ إلى المعركةِ فيُقاتلَ عدوَّهُ ..
ولكنه وَجدَ ابنَه في صفوفِ المقاتلينَ فقال لهُ: آثِرْني بالخروجِ وأقِمْ مع نسائِكَ،
فأبي الرجلُ وقالَ:
لو كانَ غيرَ الجنةِ آثرتُكَ بهِ!!
رجلٌ وابنهُ يتقارعانِ منْ أجلِ الخروجِ إلى معركةٍ!!
أيُّ الرجالُ هُمْ؟ وأيُّ عصرٍ شهدَهمْ؟
هو خيثمةُ الرجلُ وابنَهُ سعدٌ .. والمعركةُ معركةُ بدرٍ!!
فهنيئًا لتلكَ الأزمانِ المليئةِ بالرجالِ القدواتِ!!
من نُدرةِ هذهِ المواقفِ نشعرُ وكأنَّ البحرَ رمى بإحدى لآلِئهِ على الشاطئِ
فيلتقطُها الماشي على الرمالِ الناعمةِ!!
تخّيل لوْ أنزلنا هذا الموقفَ على رجالِ عصرِنا فماذا سنرى منهُم؟
سنجدُ الأبَ يقولُ لابنِهِ وهما قاعِدانِ في المنزلِ:: يا بنيّ إن الجهادَ ذروةُ سنامِ الإسلامِ
وأن الشهيدَ يُغفرُ لهُ بأولِ دفقةِ دمٍ وأنه يشفعُ في سبعينِ منْ أهلهِ .. وهلمَّ جرَّى ..
ولكنَّ خيثمةَ رضيَ اللهُ عنهُ لمْ يكنْ بحاجةٍ إلى كلِّ هذا الكلامِ ليُذكّرَ ابنَهُ بالجهادِ وفضائلهِ
وإنما أمرَهُ بالبقاءِ في المنزلِ صوْناً للنساءِ .. مقابلَ خروجهِ هُوَ ..
وهكذا يشعرُ الابنُ بفضلِ الجهادِ .. بفضلِ العملِ الذي آثرَ الأبُ نفسَهُ بالخروجِ ليفوزَ بالجنةِ
وحينَ الحديثِ عن الجنةِ فلا مكانَ للأنا ..
مواقفُ أخرى يشهدُها التاريخُ لقدواتِنا الأجلاءِ .. فابنُ عمرَ يرَى عمرَ أباه يتقدمُهُ إلى المعركةِ
وأسامةُ يرى والدُهُ زيدُ بنُ حارثةٍ أمامَهُ في المعركةِ رضيَ اللهُ عنهم أجمعينَ ..
إذاً وماذا بعدَ تلكِ العصورِ .. ؟
قَرْنٌ فقرنٌ فقرنٌ فقرنٌ حتى إذا ما وصلْنا إلى قَرْنِنا فنرى المشهدَ التالي::
يَرنُّ جرسُ الهَاتِفِ فَتردُ عليه الطّفلةُ ثمّ تُنادِي:: أبي يُريدونكَ على الهاتِفِ،،
وهنا يأتي ردُّ الأبِ المشْغُولِ:: أخبِرِيه بأنّي لستُ موجوداً!!
وببراءةِ الطّفلةِ _ والذي يتكرر الموقفُ ذاتُه في كثير من البيوتِ_ تُجيبُ قائِلةً:: أبي يقولُ لكَ أنّه ليس موجوداً!!
شتانَ بينَ الموقفَينِ والزمانَيْنِ!! ولنترُكَ القارئَ بنفسِهِ يقارنُ لأننا سنركزُ في حديثِنا على عصرِنا
وتلكَ المواقفُ الصغيرةُ التي تمرُّ علينا كثيراً لنفحصَها ونشخصَها ونعالجَها ..
وإذا عدْنا إلى القصةِ فهَيَ ليسَتْ مَوقفاً عابراً يَحدثُ في الكثيرِ من بيوتِنا،،
وإنما هوَ سُلوكٌ ينعكسُ على ذِهْنِ الطفلِ بأنه يجُوزُ الكذبُ في المَواضِعِ التي ينقذُ فِيها نفسَهَ من الآخرينَ!!
فالأبُ في غيرِ ذلكَ الوقتِ تجدُهُ ناصحٌ لطفلِهِ وينهاهُ عن الكذبِ!
وهنا يحصلُ التناقضُ بينَ الفِكرِ الذي يحملهُ الطفلُ وبينَ السلوكِ ..
وهذه المَسألةُ تحتاجُ لعِنايةٍ تَربويةٍ وتَوْجيهٍ خاصٍ ووسائلَ تربويّةٍ تُعينُ الوالدَينِ على فَهْمِ الطريقةِ المُثلى للتعاملِ معَ أبنائِهم ..
وإنّ مِن أكثرِ تلكَ الطرقِ التّربويّةِ أهميةً وتأثيراً على الإطلاقِ::
القدوةُ
وماهِيَ إلّا انْعِكاسُ صُورةِ المُرَبِّي أمام المُتَرَبِّي من خلالِ سُلُوكِهِ.
فالطّفلُ بِمُجردِ وُصُولِهِ للحياةِ عَيناهُ على والدَيْه، فما اسْتَحْسَنَاهُ فهُوَ الحَسَنُ،
وما اسْتَقْبَحَاهُ فَهُوَ القَبِيْحُ لديهِ،
وذلكَ لارتِبَاطِهِ الدّائِمِ بِهِمَا.
وكما يقولُ الشيخُ وليدٌ الرفاعيُّ - حفِظَهُ اللهُ - إنّ عمليةَ التّربيةِ في حقيقتِهَا تمثِّلُ
صِياغةً شاملةً لِحياةِ المرءِ وسُلُوكهِ،
ومنْ ثَم فهيَ مهمةٌ شاقةٌ يحتاجُ المُربي في سَبيلِ تحقيقِهَا حَشْدُ كلِّ الإمْكَانِيّاتِ ..
قالَ- صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-:
(كُلُّ مَوْلُودٍ يُوْلَدُ على الفِطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أو يُنَصِرَانِهِ، أو يُمَجِّسَانِه) رَواهُ البُخَاريُّ ومُسْلِمٌ
¥