تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من المرزوقي إلى معشر المعلمين، حفظهم الله.]

ـ[معالي]ــــــــ[10 - 10 - 2009, 09:34 م]ـ

ظفرتُ –وأنا أقلب حماسة أبي تمام- بنص نفيس لأحد شارحيها، وهو العلامة المرزوقي (421هـ) رحمه الله، إذ يقول:

" ... وكما جعل الحزام مثلاً لتدارك الأمر وتلافي فاسده على الوجه الذي تراه، جعل ترك شد الحزام عندما يطرق أو ينوب مثلاً للتحزم والتجمع قبل نزول الخطب، حتى إذا بدت أعناقه لا يحتاج إلى استئناف شيءٍ لتمام أهبته. وعلى ذلك قول امرئ القيس:

أقصر إليك من الوعيد فإنني ... مما ألاقي لا أشد حزامي

فتأملْ ما فتحنا مُبْهَمَهُ تنلْ كلَّ فائدةٍ، وتظفرْ بكلِّ غنيمة. " ا. هـ

و قد وقفتُ مليا أمام ما رُسم تحته خط، فألفيتُ فيه منهجَ درسٍ، وأسلوب تعليم، وسياسة تفهيم!

وحريّ بمن عالج من أمر العلم والتعليم شيئا أن يقف هنا طويلا، ويقتبس من نور هذا الفهم ما يضيء له سبيل تدريسه للتلاميذ، فعقولهم أمانة بين يديه سيُسأل عنها يوم يلقى مولاه جل في علاه!

إذ إن سياسة التلقين، وتقديم العلم في قالب جاهز للتلميذ، ليكون دوره فقط الحفظ ثم استظهار ما حفظه عن ظهر قلب، دون إعمال عقله وتفكيره، هذه السياسة إنما هي هدم لعقله، وتغييب لفكره، وتعطيل لقدراته، ثم لا يلبث أن يكون هذا شأنه في سائر أمره وشؤون حياته، وهكذا يكون تأخر الأمم وتخلفها عن الركب حين تغيّب عقول أفرادها، وتحطم قدراتهم العقلية ليكونوا آلات تردد ما يملى عليها فحسب!

إن عبارة المرزوقي النفيسة تحتم على المعلم أن يكون مجرد مفتاح يفتح للتلميذ باب العلم، ويضع له علامات على الطريق، ثم ليرفع يديه، وعلى التلميذ حينها أن يجتهد، وأن يعمل عقله، لترتقي مداركه، ويتسع أفقه، ويختط لنفسه سبيله الخاص به الذي لا يُركع فيه عقلَه أحدٌ!

هذا في ظني مذهب عزيز، قلّ -بل ندر- من يسير عليه من معلمي زماننا، إلا من رحم الله، وقليل ما هم!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير